عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

وأما الآثار: فيروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً يطأطئ[1] رقبته، فقال: يا صاحب الرقبة! ارفع رقبتك ليس الخشوع في الرقاب إنما الخشوع في القلوب. ورأى أبو أمامة الباهلي رجلاً في المسجد يبكي في سجوده فقال: أنت أنت لو كان هذا في بيتك؟. وقال علي كرم الله وجهه: للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذم. وقال رجل لعبادة بن الصامت أقاتل بسيفي في سبيل الله أريد به وجه الله تعالى ومحمدة الناس، قال لا شيء لك فسأله ثلاث مرات كل ذلك يقول: لا شيء لك ثم قال في الثالثة: إن الله يقول أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، الحديث.

وسأل رجلٌ سعيدَ بن المسيب فقال: إن أحدنا يصطنع المعروف يحب أن يحمد ويؤجر فقال له: أتحب أن تمقت؟ قال: لا، قال: فإذا عملت لله عملاً فأخلصه. وقال الضحاك: لا يقولن أحدكم هذا لوجه الله ولوجهك، ولا يقولن هذا لله وللرحم، فإن الله تعالى لا شريك له. وضرب عمر رجلاً بالدرة ثم قال له: اقتص مني فقال: لا بل أدعها لله ولك، فقال له عمر: ما صنعت شيئاً إما أن تدعها لي فأعرف ذلك أو تدعها لله وحده، فقال: ودعتها لله وحده فقال: فنعم إذن. وقال الحسن: لقد صحبت أقواماً إن كان أحدهم لتعرض له الحكمة لو نطق بها لنفعته ونفعت أصحابه وما يمنعه منها إلا مخافة الشهرة وإن كان أحدهم ليمر فيرى الأذى في الطريق فما يمنعه أن ينحيه إلا مخافة الشهرة. ويقال: إن المرائي ينادي يوم القيامة بأربعة أسماء يا مرائي يا غادر يا خاسر يا فاجر اذهب فخذ أجرك ممن عملت له فلا أجر لك عندنا.

وقال الفضيل بن عياض: كانوا يراءون بما يعملون وصاروا اليوم يراءون بما لا يعملون. وقال عكرمة: إن الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله لأن النية لا رياء فيها. وقال الحسن رضي الله عنه: المرائي يريد أن يغلب قدر الله تعالى وهو رجل سوء يريد أن يقول الناس هو رجل صالح وكيف يقولون وقد حل من ربه محل الأردياء فلا بد لقلوب المؤمنين أن تعرفه. وقال قتادة: إذا راءى العبد يقول الله تعالى انظروا إلى عبدي يستهزئ بي. وقال مالك بن دينار: القراء ثلاثة: قراء الرحمن، وقراء الدنيا، وقراء الملوك، وأن محمد بن واسع من قراء الرحمن. وقال الفضل: من أراد أن ينظر إلى مراء فلينظر إليَّ.

وقال محمد بن المبارك الصوري: أظهر السمت بالليل فإنه أشرف من سمتك بالنهار لأن السمت بالنهار للمخلوقين وسمت الليل لرب العالمين. وقال أبو سليمان: التوقي عن العمل أشد من


 



[1]      أي يخفض. (القاموس المحيط)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178