عنوان الكتاب: هداية الحكمة

وَلأنَّا لو فرضْنا جُزءاً[1] علی مُلتقی جُزئَيْن، فإِمّا أن يُلاقي واحداً مِنهُما فقطْ أَو مَجموعَهما، أو مِنْ کل واحد منهما شيئا، الأوّل مُحال و إلّا لم يکن علی المُلتقی، فتعيّن أحدُ القِسمَين الأخيرَين، فيَلزم الانْقسامُ لا مَحالةَ.

فصلٌ في إثباتِ الهَيُولی[2]

کُلّ جسمٍ فهو مُرکَّب[3] من جزئَين يَحُلُّ[4] أحدُهُما في الآخَر، ويُسَمّی المَحَلُّ الهَيولی[5]


 



[1] قوله: [ولأنا لو فرضنا جزءا]  تفصيله هكذا: فإما أن يلاقي  ذلك الجزء الواقع علی الملتقى بتمامه أو ببعضه

واحداً من المتلاقيين بتمامه أو ببعضه، أو يلاقي بتمامه أو ببعضه كلاً من الجزئين بالتمام أو شيئاً، أو يلاقي بتمامه أو بعضه واحداً منهما بالتمام وبعضاً من الآخر، فالاحتمالات عشرة، والأربعة الأُوَل كلّها محال بالبداهة؛ لاستلزام كل منها أن لا يكون المفروض علی الملتقى عليه، وأما الستة الآخرة كل واحد منها محال أيضاً؛ إذ الأول منها يستلزم انقسام ما علی الملتقی إلى الجزئين، والثاني انقسام ما علی الملتقى إلی ثلاثة أجزاء، والثالث انقسام ما علی الملتقى وانقسام كلٍّ من الجزئين المتلاقيين إلی جزئين، والرابع انقسام ما علی الملتقى إلی ثلاثة وانقسام كلّ مِن الجزئين المتلاقيين إلی جزئين، والخامس يقتضي انقسام ما علی الملتقى وأحد المتلاقيين إلی جزئين، والسادس انقسام ما علی الملتقى إلی ثلاثة أجزاء وأحد المتلاقيين إلی جزئين. (سعادت)

[2] قوله: [إثبات الهيولی] ولا حاجة إلی إثبات الصورة الجسمية؛ لأنها هي الجوهر الممتدّ في الجهات الثلاث ووجودها معلوم بالضرورة. (الميبذي)

[3] قوله: [فهو مركب...إلخ] هذا عند المشائين، وأما عند الإشراقيين: فالجوهر المتصل قائم بذاته غير حالّ في شيء آخر، وهو عين حقيقة الجسم. (سعادت)

[4] قوله: [يَحُلّ] مِن ½حَلَّ يحُلُّ حلولا¼. وفي الاصطلاح: الاختصاص الناعت أي: يكون لوجود الشيء تعلّق بشيء آخر بحيث لا يتصور وجوده بدون ذلك الشيء، ويكون نعتا له وذلك منعوتا به، فإن كان ذلك الشيء ذا وضع يكونان متحدين فيه. وقال الميبذي عنه: الحلول اختصاص شيء بشيء بحيث يكون الإشارة إلی أحدهما عين الإشارة إلی الآخر. (سعادت بزيادة)

[5] قوله: [ويسمّى المحل الهيولی] الهيولى بتخفيف الياء وتشديدها, قيل: مشتقّة من الهيئة الأُولى وهي في العرف العامّ ما يتخذ منه الشيء فالخشب هيولى السرير, ثم نقله الحكماء إلى الجوهر المخصوص؛ لأنه كالأصل للأجسام, والصحيح أنها مشتقة من الهَيل بالفتح بمعنى الصب والتفريق من باب ضرب ومنه الهيول على وزن صبور للهباء الذي يرى متفرقا ولذا يسمّي بعضُهم الهيولى التي في الأجسام هباء وذلك لتفرقه في الأجسام. وذكر الحكماء أنّ الجوهر خمسة أقسام: العقل والنفس والهيولى والصورة والجسم, وزعموا أن

الصورة حلّت في الهيولى فحصل الجسم منهما, والصورة هي الجوهر الممتدّ في الجهات الذي يسمّيه العامّة جسما, ولكن أرسطاطاليس ادّعى أن هذا الجوهر ليس تمام حقيقة الجسم بل هناك جوهر آخر يسمى الهيولى لا يدركه الحواس بل إنما يعرف بالدلائل, ولذا قد يسمّى بالعَنقاء, وذهب أفلاطون إلى أن الجسم هو الجوهر المسمّى بالصورة وأنه لا وجود للهيولى. (نبراس)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118