عنوان الكتاب: هداية الحكمة

فصل[1] في أن الصورة الجسميّة[2] لا تتجرّد عن الهيولی

لأنّها لو وجدتْ بذاتها بدون[3] حُلُولِها في الهَيولی، فإمّا أَن تکون[4] مُتناهِيةً أَو غير متناهيةٍ، لا سبيلَ إلی الثاني؛ لأن الأجسام[5] کلَّها متناهيّة[6]، وإلّا لأمکن[7] أن


 



[1] قوله: [فَصْل] أراد المصنِّف أن يثبت التلازم بين الهيولی والصورة بأنّ كلّ واحدة منهما لا ينفكّ عن الأخرى لذاتها, فوضع هذا الفصل أوّلا لإثبات ملزومية الصورة بالهيولى, فقال: ½الصورة لا تتجرد...الخ¼. (عين القضاة)

[2] قوله: [الصّورة الجسمية] اعلم أن الصورة منقسمة إلی ثلاثة أقسام: الأول: الصورة الجسمية وهي عبارة عن الامتداد التي يكون الجسم به جسماً. والثاني: الصورة النوعية وهي التي تتنوع بها الأجسام. والثالث: الصورة الشخصية وهي التي تشخص بها الأجسام فهذه الصورة عارضة للجسم بخلاف الأُوْلَيَين. (عين القضاة)

[3] قوله: [بذاتها بدون] الأَوْلى أنْ لا يفرض عدم الحلول ويقول عاريته عن الهيولی ليصح قوله في آخر الفصل: ½فتكون الصورة العارية عن الهيولی مقارنة لها هذا خلف¼؛ فإنه حينئذ خلاف المفروض, وأمّا علی تقدير فرض عدم الحلول فلا يظهر صحّته، وإنما قلنا ½الأَولى¼ لتجويز التجوّز في الحلول بإرادة المقارنة منه وتسمية اللازم باسم الملزوم. (عين القضاة)

[4] قوله: [فإمّا أَن تكون] لأنّ الصورة لا تخلو عن مقدار وكل ما له مقدار لا تخلو عنهما. (عين القضاة)

[5] قوله: [لأن الأجسام] قيل أراد المصنف رحمه الله من قوله: ½الأجسام¼ أبعاد الأجسام علی حذف المضاف، ولم يُرِد الأبعاد مطلقاً، فإنّ حكماء "الهند" قائلون بأن الأبعاد المجرّدة تكون غير متناه. أقول: لقائل أن يقول: إن الصورة عن الهيولی ليست من أبعاد الأجسام فلا يتمّ التقريب. (عين القضاة)

[6] قوله: [الأجسام كلّها متناهيّة] المراد بها الأبعاد؛ لأن التناهي من عوارض المقدار أولا وبالذات ثم بواسطه تعرض الجسم أو المراد الجسم التعليمي ولا حاجة إلى ارتكاب التجوّز. (سعادت)

[7] قوله: [وإلا لأمكن...إلخ] اعلم أنه لمّا كان البُرهان الذي يُقيمه المصنّف رحمة الله عليه على امتناع انفكاك الصورة عن المادّة (أي: الهيولى) متوقفاً علی إثبات تناهي الأبعاد فلا جرم احتاج إلی إقامة البُرهان عليه فقال: ½وإلا لأمكن...إلخ.¼ وهذا البرهان ملقّب بـ½السُلَّمي¼ وهو لقدماء الحكماء, وإنما سمّي بالسلّمي لكون الامتدادين مع الخط الواصل بينهما شبيها به. تقريره: أن تقول لو كان امتداد الصورة الجوهريّة غير متناهٍ لأمكن أن يكون غير المتناهي محصوراً بين حاصرين وصحة نقيض التالي تستلزم بطلانَ المقدم، ووجه اللزوم أنه لو صح البُعد غير المتناهي لأمكن وجود ساقي مثلث خرجا من مبدء ذاهبين إلى غير النهاية, ومعلوم أن الساقين كلّما كانا أعظم كان الانفراج أكثر فيزداد إمكان الانفراج بزيادة الساقين ومعلوم أن الساقين إذا كانا غير متناهيين ذاهبين علی نسق الانفراج كان البُعد بين الساقين غير متناه فينحصر غير المتناهي من البُعد بين حاصرين وهما الساقان هذا محال. (صدرا)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118