عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الثاني)

سلسال، وقد قال ذو الرمة[1]:

صوادي الهام والإحشاء خافقة

تناول الهيم إرشاف الصهاريج

فإذا كانت الإبل ترتشف إرشافها بشفاهها فما بال الأيدي لا تصل إلى مياهها، والعلاّمة المقدسي إنّما يميل إلى التفرقة بين الحبّ والصّهريج بالحرج البيّن في تفريغ الصهاريج وغسلها ونشفها كالبئر بخلاف الزيْر، وإليه يشير قوله: (لا سيّما الذي يسع ألوفاً)، إذا علمت هذا فاعلم أنّا لو اقتصرنا في المسألة على ما زعمه العلاّمتان قاسم والبحر وتبعه كثير ممن جاء بعده من الأعلام أنّ المستعمل ليس إلاّ ما لاقى البدن، لم نحتج إلى الأمر بنزح شيء أصلاً؛ لأنّ الملاقي أقلّ بكثير من الباقي، فالطهوريّة لم تسلب حتّى تُحلب لكنّه خلاف نصوص أئمّة المذهب المنقول في الكتب المعتمدة إجماعهم عليه، فوجب الرجوع إلى المذهب، واعترى ح الخلاف بين أنّه كالبئر أو كالزير، فعملنا بالأيسر عند الحرج، وبالإجراء أو تفريغ الأكثر حيث لا حرج كي يصير جارياً أو المطلق أكثر أجزاء، وبإجماع يجزئ في الطهور أجزاء، فهذا تحقيق ما عوّلنا عليه، والحمد لله ومنه وإليه، هكذا ينبغي التحقيق، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وما ذكرنا من مسألة الإجراء فتحقيقه في ردّ المحتار، وقد ذكرناه في مواضع من فتاوانا[2].


 

 



[1] هو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود بن حارثة المعروف بذي الرمة، الشاعر المشهور، (ت١١٧ﻫ).     

(هدية العارفين، ١/٨١٣، معجم المؤلّفين، ٢/٦٠٥).

[2] الفتاوى الرضوية، كتاب الطهارة، باب المياه، ٢/٢٥٦-٢٥٨.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

440