عنوان الكتاب: دروس البلاغة

وتنقسم الاستعارة إلى مرشّحة: وهي ما ذكر فيها ملائم المشبّه به، نحوّ ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ[البقرة: ١٦]. فالاشتراء مستعار للاستبدال، وذكر الربح والتجارة ترشيح، وإلى مجرّدة، وهي التي ذُكر فيها ملائم المشبّه،

الإذاقة، ثُمّ يحذف لفظ المشبّه به، ويرمز إليه بلازمه الذي هو اللباس على طريق الاستعارة المكنيّة، ثُمّ يشتقّ من الإلباس المستعار منه ½ألبست¼ بمعنى ½أذقت¼، فتكون الاستعارة في المصدر استعارة مكنيّة أصليّة، وفي الفعل استعارة مكنيّة تبعيّة، وهذا هو الحاصل لما قال في الحاشية: ½ويقال في إجرائها شبهت الإذاقة... إلخ¼، فهذا أيضاً مثال لكون الاستعارة في الفعل تبعيّة كما أنّ المثال الأوّل، أي قوله: ½نحو: ركب فلان كتفي غريمه¼، مثال له إلاّ أنّ الاستعارة التبعيّة هناك تصريحيّة وهنا مكنيّة وتنقسم الاستعارة باعتبار وجود الملائم لأحد الطرفين وعدمه إلى مرشّحة وهي ما ذكر فيها ملائم المشبّه به وإنّما سمّيت بها؛ لأنّ مبنى الاستعارة على تناسي التشبيه، وجعل المشبّه كأنّه نفس المشبّه به، ومن المعلوم: أنّ ذكر ما يلائم المشبّه به يفيد قوّة ذلك التناسي، وبقوّته تقوى الاستعارة، فلذلك سمّيت بـ½المرشّحة¼ بفتح الشين، من الترشيح بمعنى: التقوية نحو: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ﴾ فالاشتراء مستعار من استبدال مال بآخر للاستبدال أي: لاستبدال الحقّ بالباطل بقرينة تعلّقه بالضلالة والهدى، والجامع تركه المرغوب عنه للتوصّل بالمرغوب فيه وذكر الربح والتجارة على السبيل التفريع على الشراء الملائمين له ترشيح وتقوية للاستعارة، فكانت مرشّحة وإلى مجرّدة، وهي التي ذكر فيها ملائم المشبّه وإنّما سمّيت مجردة؛ لتجرّدها ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239