عنوان الكتاب: دروس البلاغة

دون الأوّل، أو مساوياً له، كما قال أبو الطيّب في قول أبي تمام:

هَيْهَاتَ لاَ يَأتِي الزَمَانُ بِمِثْلِهِ
أَعْدَى الزَمَانُ سَخَاؤَهُ فَسَخَا بِهِ
.

 

إِنَّ الزَمَانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيْلٌ
وَلَقَدْ يَكُوْنُ بِهِ الزَمَانُ بَخِيْلاً
[[

فالمصراع الثاني مأخوذ من المصراع الثاني لأبي تمام، والأوّل أجود سبكاً، ومثل هذا يسمّى

آخر ويكون الكلام الثاني دون الأوّل; لفوات فضيلة وجدت في الأوّل أو مساويا له في الحسن والفضيلة، كما قال أبو الطيب في قول أبي تمام الواقع في مرثية محمّد بن حميد حين استشهد في بعض غزواته: ½هيهات¼: اسم فعل ماض بمعنى: بعد وفاعله محذوف أي: بعد إتيان الزمان بمثل المرثّي الممدوح بقرينته قوله: لا يأتي الزمان بمثله أي: بمثل ذلك المرثّي إنّ الزمان بمثله لبخيل فهذا قول أبي تمام قد أخذ منه أبو الطيب وقال: أعدي الزمان سخاؤه الأعداء أن يتجاوز الشيء من صاحبه إلى غيره فالمعنى سري سخاؤه الزمان فسخا به أي فجاد الزمان بالممدوح وأخرجه من العدم إلى الوجود لقد يكون به الزمان بخيلا على الدنيا بإيجاده، فالمصراع الثاني من بيت أبي الطيب ماخوذ من المصراع الثاني لأبي تمام ولا يضرّ في كونه ماخوذا منه كون البخيل في قول أبي تمام متعلقا بالمثل وفي قول أبي الطيب متعلّقا بنفس الممدوح; لأنّ المصراعين اشتركا في الحاصل مع أن بخل الزمان بمثله في قول أبي تمام كناية عن بخله بنفسه والأوّل أي:  قول أبي تمام أجود سبكاً وخلواً من التعقيد اللفظي والمعنوي وذلك: لأن أبا الطيب عبر بصيغة المضارع والمناسب صيغة الماضي بأن يقال: ولقد كان به الزمان بخيلا; إذ لا معنى; لكونه جاد به الزمان هو يبخل به في المستقبل، فيحتاج فيه إلى أن وضع يكون موضع كان فقول أبي الطيب مع كونه ماخوذا من قول أبي تمام مفضول  أيضا ومثل هذا أي: أخذ المعنى مع تغيير اللفظ وإن كان الثاني أفضل من الأوّل يسمّى  ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239