عنوان الكتاب: دروس البلاغة

½إغارة ومسخاً¼.

ومنها: أن يأخذ المعنى وحده، ويكون الثاني دون الأوّل، أو مساوياً له، كما قال أبو تمام في قول من رثَى ابنه:

وَالصَبْرُ يُحْمَدُ فِيْ الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا
وَقَدْكَانَ يُدْعَى لاَبِسُ الصَبْرِ حَازِماً

 

إلاَّ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ لاَ يُحْمَدُ
فَأَصْبَحَ يُدْعَى حَازِماً حِيْنَ يَجْذَعُ
[[

وهذا يسمّى ½إلْماماً وسلخاً¼.

إغارة; لأنه أغار على ما هو للغير، فغيّره عن وجهه ومسخا; لأنّه بدل صورة ما للغير بصورة أخرى والغالب كونها أقبح والمسخ في الأصل: تبديل صورة بما هو أقبح منها إلا أنّ المصنّف لم يذكر في هذا النوع ما يكون الثاني أفضل من الأوّل مع كونه أيضا من أقسامه; لأنّه بصدد بيان ما هو غير خال عن القبح والذمّ وهذا القسم من الإغارة والمسخ ممدوح ومقبول; لكونه مشتملًا على فضيلة أخرجته إلى نوع من الإبداع ومنها: أن يأخذ المعنى وحده بدون شيء من اللفظ ويكون الثاني دون الأوّل أو مساويا له، لم يذكر هاهنا أيضا كون الثاني أفضل من الأول للوجه الذي عرفته، كما قال أبو تمام في قول من رثّى أبنه: والصبر يحمد في المواطن كلّها إلا عليك فإنّه لا يحمد وقد كان يدعي اللابس الصبر حازما فالصبح يدعي حازما حين يخزع، فهذ البيت من أبي تمام وإن كان لفظه غير لفظ الأول لكن معناه معنى الأوّل فإنّ كلا من البيتين أفاد أن الصبر مع كونه ممدوحاً في نفسه ليس بممدوح بالنسبة إلى المرثّي لكن الأوّل أوضح دلالةً على هذا المعنى وأخصر لفظاً كما لا يخفى، فهو أجود من الثاني وهذا يسمّى إلماماً من ألم بالمنـزل إذا نزل به ويعبر به عن القصد، كما هنا; فإنّ القائل الثاني قد قصد أخذ المعنى من لفظ غيره وسلخا وهو في اللغة: كشط الجلد عن الشاة فكأنّه ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239