عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرِّيَاءُ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ[1]))[2] وهي أيضاً ترجع إلى خطايا الرياء ودقائقه وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ فِيْ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ رَجُلاً تَصَدَّقَ بِيَمِيْنِهِ فَكَادَ يُخْفِيْهَا عَنْ شِمَالِهِ))[3] ولذلك ورد: أن فضل عمل السر على عمل الجهر بسبعين ضعفا وقال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ الْمُرَائِيْ يُنَادَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا فَاجِرُ يَا غَادِرُ يَا مُرَائِيْ ضَلَّ عَمَلُكَ وَحَبِطَ أَجْرُكَ اذْهَبْ فَخُذْ أَجْرَكَ مِمَّنْ كُنْتَ تَعْمَلُ لَهُ))[4].

وقال شداد بن أوس: رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يبكي، فقلت ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: ((إِنِّيْ تَخَوَّفْتُ عَلَى أُمَّتِيْ الشِّركَ أَمَا إِنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ صَنَمًا وَلاَ شَمْساً وَلاَ قَمَراً وَلاَ حَجَراً وَلَكِنَّهُمْ يُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ)) [5].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لَمَّا خَلَقَ اللهُ الأَرْضَ مَادَتْ[6] بِأَهْلِهَا فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَصَيَّرَهَا أَوْتَاداً لِلأَرْضِ فَقَالَت الْمَلاَئِكَةُ مَا خَلَقَ رَبُّنَا خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْجِبَالِ، فَخَلَقَ اللهُ الْحَدِيْدَ فَقَطَعَ الْجِبَالَ ثُمَّ خَلَقَ النَّارَ فَأَذَابَت الْحَدِيْدَ ثُمَّ أَمَرَ اللهُ الْمَاءَ بِإِطْفَاءِ النَّارِ وَأَمَرَ الرِّيْحَ فَكَدَّرَتِ الْمَاءَ فَاخْتَلَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ فَقَالَتْ نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى قَالُوْا: يَا رَبِّ مَا أَشَدَّ مَا خَلَقْتَ مِنْ خَلْقِكَ؟ قَالَ الله تَعَالَى: لَمْ أَخْلُقْ خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ حِيْنَ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ بِيَمِيْنِهِ فَيُخْفِيهَا عَنْ شِمَالِهِ فَهَذَا أَشَدُّ خَلْقٍ خَلَقْتُهُ))[7].


 



[1]      قال الأزهري: أستحسن أن أنصب الشهوة الخفية وأجعل الواو بمعنى مع أي الرياء مع الشهوة الخفية للمعاصي فكأنه يرائي الناس بتركه المعاصي والشهوة في قلبه. وقيل الرياء ما ظهر من العمل والشهوة الخفية حب اطلاع الناس على العمل. (فيض القدير)

ó.... روى الطبراني في المعجم هذاالحديث وفي آخره: قلت: وما الشهوة الخفية؟ قال: يصبح العبد صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيواقعها ويدع صومه. (المعجم الكبير)

ó.... نقل المناوي في التيسير: ½احذروا الشهوة الخفية¼ قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: ½العالم يحبّ أن يجلس إليه¼ بالبناء للمجهول أي يجلس الناس إليه للأخذ عنه والتعلم منه فإن ذلك يبطل عمله لتفويته للإخلاص فالعالم الصادق لا يتعرض لاستجلاب الناس إليه بلطف الرفق وحسن القول محبة للاستتباع فإنّ ذلك من غوائل النفس الأمارة فليحذر ذلك فإنه ابتلاء من الله واختبار والنفوس جبلت على محبة قبول الخلق والشهرة. (التيسير بشرح جامع الصغير)

[2]      الزهد لابن مبارك، باب فضل ذكر الله، الحديث : ۱۱۱٤، ص: ۳۹۳.

[3]      صحيح البخاری، كتاب الاذان ، باب من جلس في المسجد ...الخ ، الحديث :٦٦۰،  ١/٢٣٦.

[4]      اتحاف الخيرة المهرة ، باب التحذير من الرياء ...الخ ، الحديث :٦۰۲،  ۱/۳۳٥، دون قول ’’يامرائی‘‘.

[5]      المعجم الاوسط، الحديث :٤۲۱۳،  ۳/۱٦۸.

[6]      أي تَحرَّكت واضطربت. (اتحاف)

[7]      سنن الترمذي ، كتاب التفسير، باب ومن سورة المعوذتين، الحديث :۳۳۸۰،  ٥/٢٤٢بتغير .




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178