عنوان الكتاب: هداية الحكمة

متعلقاً بالأجسام تعلق التدبير والتصرف فهو النفس، وإلا فهو العقل، والجوهر ليس جنساً لهذه الأقسام الخمسة؛ إذ لو كان جنساً لكان ما يدخل تحته مركباً من جنس وفصل، وليس كذلك؛ لأن النفس ليست مركبة منهما؛ لأنها تعقل الماهية البسيطة فلا تكون مركبة، وإلا لزم انقسام الماهية البسيطة الحالة فيها، هذا خلف. وأما أقسام العرض فتسعة: الكمّ والكيف، والأين، والمتى، والإضافة، والملك، والوضع، والفعل، والانفعال. أما الكم فهو الذي يقبل المساواة واللامساواة لذاته، وينقسم إلى منفصل كالعدد، وإلى متصل قار الذات وهو المقدار كالخط والسطح والثخن، وإلى متصل غير قار الذات، وهو الزمان. وأما الكيف فهو هيئة في شيء لا تقتضي لذاته قسمة ولا نسبة، وينقسم إلى كيفيات محسوسة راسخة كحلاوة العسل وملوحة ماء البحر، وغير راسخة كحمرة الخجل وصفرة الوجل، وإلى كيفيات نفسانية، وهي حالات كالكتابة في ابتداء الخلقة، وملكات كالكتابة بعد الرسوخ والعلم وغير ذلك، وإلى كيفيات استعدادية نحو الدفع كالصلابة، ونحو الانفعال كاللين، وإلى كيفيات مختصة بالكميات: كالمثلثية والمربعية والزوجية والفردية. وأما الأين فهو حالة تحصل للشيء بسبب حصوله في المكان. وأما المتى فهو حالة تحصل للشيء بسبب حصوله في الزمان. وأمّا الإضافة فهي حالة نسبية متكررة. وأمّا المِلك فهو حالة تحصل للشيء بسبب ما يحيط به، وينتقل بانتقاله ككون الإنسان متعمماً ومتقمصاً. وأما الوضع فهو هيئة حاصلة للشيء بسبب نسبة أجزائه بعضها إلى البعض وبسبب نسبتها إلى الأمور الخارجية كالقيام والقعود. وأما الفعل فهو حالة تحصل للشيء بسبب تأثيره في غيره كالقاطع مادام يقطع. وأمَّا الانفعال فهو هيئة تحصل للشيء بسبب تأثره عن غيره كالمتسخن مادام يتسخن.

الفن الثاني في العلم بالصانع وصفاته وهو مشتمل على عشرة فصولٍ.

فصل في إثبات الواجب لذاته

وهو الذي إذا اعتبر من حيث هو هو لا يكون قابلاً للعدم، وبرهانه: أن نقول: إن لم يكن في الوجود موجود واجب لذاته يلزم منه المحال؛ لأن الموجودات بأسرها حينئذ تكون جملة مركبة من آحاد، كل واحد منها ممكن لذاته، فتحتاج إلى علة خارجية، والعلم به بديهي، والموجود الخارج عن جميع الممكنات واجب لذاته، فيلزم وجود واجب الوجود على تقدير عدمه، وهو مُحال، فوجوده واجب.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118