عنوان الكتاب: هداية الحكمة

ب" "أ"، أي: إذا ثبت أن كل إنسان حيوان لزم أن بعض الحيوان إنسان، ويعبّرون عن هذه بأنّ الموجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية. وأيّ تعلّق لهذا ب" "أ"، أي: إذا ثبت أن كل إنسان حيوان لزم أن بعض الحيوان إنسان، ويعبّرون عن هذه بأنّ الموجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية. وأيّ تعلّق لهذا بمهمّات الدين حتى يجحد ويُنكَرَ؟ فإذا أنكر لم يحصل من إنكاره عند أهل المنطق إلا سوء الاعتقاد في عقل المنكر، بل في دينه الذي يزعم أنه موقوف على مثل هذا الإنكار. نعم لهم نوع من الظلم في هذا العلم، وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطاً يعلم أنها تورث اليقين لا محالة، لكنّهم عند الانتهاء إلى المقاصد الدينيّة ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط، بل تساهلوا غاية التساهل، وربما ينظر في المنطق أيضاً من يستحسنه ويراه واضحاً، فيظنّ أن ما ينقل عنهم من الكفريات مؤيد بمثل تلك البراهين، فيستعجل بالكفر قبل الانتهاء إلى العلوم الإلهيّة. فهذه الآفة أيضاً متطرقة إليه.

٣ - وأما علم الطبيعيّات: فهو بحث عن أجسام العالم السماوات وكواكبها وما تحتها من الأجسام المفردة: كالماء والهواء والتراب والنار، وعن الأجسام المركّبة، كالحيوان والنبات والمعادن، وعن أسباب تغيرها واستحالتها وامتزاجها، وذلك يضاهي بحث الطب عن جسم الإنسان، وأعضائه الرئيسية والخادمة، وأسباب استحالة مزاجه وكما ليس من شرط الدين إنكار علم الطب، فليس من شرطه أيضاً إنكار ذلك العلم، إلا في مسائل معيّنة، وذكرناها في كتاب "تهافت الفلاسفة" وما عداها مما يجب المخالفة فيها، فعند التأمل يتبين أنها مندرجة تحتها، وأصل جملتها: أن يعلم أن الطبيعة مسخرة لله تعالى، لا تعمل بنفسها، بل هي مستعملة من جهة فاطرها. والشمس والقمر والنجوم


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118