عنوان الكتاب: هداية الحكمة

من الأحياز ممکن، فلو حصلت في بعض الأحياز دون البعض يلزم الترجيح بلا مرجِّح[1][2] وهو محال، ولا يلزم[3] علی هذا أن الماء إذا انقلب هواءً أو علی العکس صار أَوْلی بِمَوضِع[4]؛ لأنّ الوضع السابق يقتضي الوضع اللاحق، فلا يکون ترجيحاً بلا مرجّح[5].


 



[1] قوله: [يلزم الترجيح بلا مرجح] قيل: يجوز أن يكون في الهيولی قبل اقتران الصورة إياها حالة تقتضي أن تكون الهيولی في بعض الأحياز دون بعض حين اقتران الصورة إياها فلا يكون الترجيح بلا مرجّح، بل بمرجح, وهو الصورة النوعية أو حالة من الأحوال. (ملخصا من الحواشي)

[2] قوله: [بلا مرجّح] أجاب عنه الشيخ الإمام أحمد رضا رحمه الله في رسالته "الكلمة الملهمة": بأنّه يُمكن أن يكون الجسم في بعض الأحياز دون البعض؛ لأنّ الله تعالى أراد أن يكون الجسم في بعض الأحياز دون البعض فحينئذٍ لا يلزم الترجيح بلا مرجّح؛ إذ إرادة الله تعالى مرجِّحة لكون تلك الأجسام في بعض الأحياز. (العلمية)

[3] قوله: [ولا يلزم] دفع نقض يرد ههنا, وتقريره: أنا لا نسلم أن الترجيح بلا مرجِّح محال؛ لأن الماء إذا انقلب هواء أو بالعكس حصل ذلك المنقلب ببعض أحياز المنقلب إليه مع تساوي نسبته إلى جميع أحياز المنقلب إليه, فأجاب عنه بأن المنقلب وضعا سابقا يقتضي الوضع اللاحق, يعني أن الماء الذي انقلب هواء فله اختصاص ببعض أحياز الهواء بأن يكون قريبا منه إن كان الماء في حيزه أو حاصلا فيه إن كان موجودا في حيز الهواء بالقسر, ولما كان الاختصاص ببعض الأحياز حاصلا, ولم تكن نسبته إلى جميع الأحياز على السوية, لم يكن الترجيح بلا مرجح, مثلا ماء البحر إذا انقلب هواء, يسكن في حيز الهواء الذي يحاذيه فوقه, ولا ينتقل إلى حيز الهواء الذي يحاذي البر؛ لأن الأول قريب منه, والثاني بعيد منه, فصار القرب مرجحا, وكذا الحصول فيه مرجح, وبالجملة ههنا وضع سابق مرجح بخلاف الهيولى المجردة؛ إذ ليست ذات الوضع حتى يتصور لها وضع سابق. (سعادت)

[4] قوله: [صار أولى بموضع] من أجزاء الحيز الطبعي لما انقلب إليه مع تساوي نسبته إليها فلتكن الهيولی بعد مقارنة الصورة أَولى بحيز مع تساوي نسبتها إلی جميع الأحياز. (الميبذي)

[5] قوله: [فلا يكون ترجيحاً بلا مرجح] أي: إذا انقلب مثلاً جزء من الماء هواءً فإن كان قبل الانقلاب في

الموضع الطبعي للماء انتقل إلی أقرب مواضع الهواء من ذلك الموضع فالقرب مرجح للحصول فيه، وإن كان قبل الانقلاب في موضع الهواء قسراً استقرّ فيه بعده طبعاً فالحصول في ذلك الموضع مرجح، ولا يتصور مثل ذلك في الهيولی التي لا وضع لها أصلاً. (الميبذي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118