عنوان الكتاب: هداية الحكمة

لأنّه کمّ[1]، ولا يخلو إمّا أن يکون مقداراً[2] لهيئةٍ قارّةٍ أوْ لهيئةٍ غير قارّةٍ، لا سبيل إلی الأول، لأنّ الزمان غير قارّ[3]، وما لا يکون قارّاً لا يکون مقداراً لهيئة قارّة، فهو مقدار لهيئة غير قارّة، وکلّ هيئة غير قارّة فهي الحرکة، فالزمان مقدار الحرکة[4]،


 



[1] قوله: [لأنه كمّ] اعلم أن الكم في اصطلاح الحكماء هو العرض الذي يقبل القسمة لذاته ثم إن كان بين أجزائه حدود مشتركة فهو الكم المتصل كالنقطة بين أجزاء الخط, والخط بين أجزاء السطح, والسطح بين أجزاء الجسم, وكالآن بين أجزاء الزمان, وإن لم تكن فهو الكم المنفصل كالعدد, ثم الكم المتصل إن اجتمع أجزاؤه في الوجود كالخط والسطح والجسم التعليمي فهو المقدار وإن لم تجتمع فهو الكم المتصل الغير القار كالزمان والحركة وبما حررنا علمتَ أن المراد بالمقدار ههنا الكم المتصل لا المعنى المصطلح. (عبيد الله)

[2] قوله: [مقداراً لهيئةٍ قارّةٍ] المراد بالمقدار ما هو قريب من المعنى المصطلح أعني ما حلّ في الشيء لا اللغوي أي: ما يقدر به الشيء سواء حلّ فيه أو لا وإلا لاختلج الدليل. (عين القضاة)

[3] قوله: [لأن الزمان غير قارّ] هذا استدلال من الشكل الأول, تحريره: الزمان غيرُ قارّ وكل غير قارّ لا يكون مقدارا لهيئة قارةٍ, فالزمان لا يكون مقدارا لهيئة قارة, أمّا الصغرى فظاهرة وأما الكبرى فلأنه لو كان الأمر غير القار مقدارا لشيء قارٍ للزم وجود ذلك الشيء بدونه والتالي باطل فالمقدّم مثله, أمّا بطلان التالي فلأن مقدار الشيء من لوازم الشيء كما ترى أن مقدار الأجسام من لوازمها لا يخلو جسم مّا عن مقدار مّا. (سعادت)

[4] قوله: [فالزمان مقدار الحركة] لكن لا مطلقاً بل من حيث إنه إذا جمع في العقل مقدار متقدمها ومتأخرها؛ لأنهما إنما يجتمعان في العقل دون الخارج وكذا أجزاء الزمان. والغرض من هذا الاحتراز عن المسافة فإنها أيضاً مقدار الحركة لكن لا من هذه الحيثيّة, بل من حيث يجتمع أجزاؤها في الوجود معاً. وهذا صريح في أن الزمان مقدار ذهنيّ لا خارجيّ. (عبيد الله)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118