عنوان الكتاب: هداية الحكمة

وهو المطلوب، ونقول أيضاً [1]: إنّ الزمان لا بداية[2] له ولا نهاية له؛ لأنّه لو کان له بداية لکان عدمه قبل وجوده قَبلِيّة لا توجد مع البَعدِيّة، وکل قَبليّة لا توجد مع البَعديّة فهي زمانيّة، فيکون قبل الزمان زمان، هذا خلف[3]، ولو کان له نهاية لکان عَدَمه بعد وجوده بَعدِيّة لا توجد مع القَبلِيّة، فتکون زمانيّة، فيکون بعد الزمان زمان[4]، هذا خلف [5].


 



[1] قوله: [ونقول أيضا...إلخ] هذا شروع في المطلب الثالث وهو بيان أزليّة الزمان وأبديّته, ومفهوم كلام الأمام أحمد رضا عليه الرحمة في ردّه: والحقّ أنّ الزمان حادث بلا شكّ ولا مريّة, أما دليلهم على أزليته وأبديته فهو مبني على التلبيس المحض, وذلك؛ لأن الزمان كما لا يكون في الزمان للزوم ظرفية الشيء لنفسه كذلك لا يكون عدم الزمان في الزمان للزوم ظرفيّة الشيء لنقيضه واجتماعه معه, فثبت أن قبليّة عدم الزمان وجوده وبعديتهما ليست بزمانيّة لأنهما في غير الزمان فلا يلزم ما ألزموه ولا يثبت ما ادّعوه, ثم دليلهم هذا يمكن إجراؤه على الله تعالى بأن يقال إنا وجوده تعالى قبل جميع الحوادث قبلية لا تجتمع مع البعدية وكل قبلية كذلك فهي زمانية فلزم كون الله تعالى زمانيا مع أنه متنزّه عن الزمان بالاتفاق بيننا وبينكم. (العلميّة)  

[2] قوله: [لا بداية] قد يُظَنّ من أزلية الزمان وأبديته أنّ الزمان واجب الوجود وهذا الظنّ فاسد؛ لأن الواجب ما يمتنع عليه جميع أنحاء العدم بالنظر إلى ذاته لا ما يمتنع عليه النحو الخاصّ من العدم, والزمان إنما يمتنع عليه عند الفلاسفة العدم السابق على الوجود واللاحق, ولا يلزم من امتناع العدم المقيّد بالقبلية والبعدية امتناع مطلق العدم حتى يلزم كونه واجب الوجود. والزمان من أضعف الموجودات حيث لا قرار له فكيف يكون واجب الوجود الذي هو أقوى الموجودات بقاءً وثباتا. (سعادت)

[3] قوله: [هذا خلف] لأنا فرضنا عدمَه وانقطاعَه في جانب البداية. (عين القضاة)

[4] قوله: [زمان] اعلم أن الزمان يسمّى زماناً بالنسبة إلى مقارنته بالمتغيرات, وأمّا بالنسبة إلى الأمور الثابتة فيسمّى سرمداً وإلى ما قبل المتغيرات يسمّى دهراً. (عبيد الله)

[5] قوله: [هذا خلف] لأنا قد فرضنا عدمَه وانقطاعَه في جانب النهاية. (عين القضاة)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118