عنوان الكتاب: هداية الحكمة

محضاً، ولا سبيل إلی الثاني؛ لأنه لو وجد البُعد مجرّداً عن الهيولی لکان لذاته غنياً عن المَحلّ، فاستحال اقترانه به، هذا خلف.

فصل في الحيّز

کل جسم فله حَيِّز طبعي؛ لأنا لو فرضنا عدَم القواسر لکان في حيّز، وذلك الحيّز إمّا أنْ يستحقّه الجسمُ لذاته أو لقاسر، لاسبيل إلی الثاني؛ لأنّا فرضنا عدم القواسر، فتعيّن الأول، فإذن إنّما يستحقّه لطبيعته، وهو المطلوب. ولا يجوز أن يکون لجسم مَّا حيّزان طبعيّان؛ لأنّه لو کان له حيزان طبعيان فإذا حصل في أحدهما، فإما أن يطلب الثاني أو لا، فإنْ طلب الثاني، يلزم أن لا يکون الحيّز الأول الذي حصل فيه طبعياً، وقد فرضناه طبعياً، هذا خلف، وإن لم يکن طالباً للثاني يلزم أن لا يکون الحيّز الثاني طبعياً، وقد فرضناه طبعياً، هذا خلف.

فصل في الشّکل

کلّ جسم فله شکل طبعيّ؛ لأنّ کل جسم متناهٍ، وکلّ متناهٍ فهو متشکّل، وکل متشکل فله شکل طبعي، فکل جسم فله شکل طبعي. أما أنّ کلّ جسم متناه فلِمَا مَرّ، وأما أنّ کل متناه فهو متشکل؛ فلأنّه يحيط به حدّ واحد أو حدود، فيکون متشکلا، وإنّما قلنا: إن کلّ متشکّل فله شکل طبعي؛ لأنّا لو فرضْنا ارتفاع القواسر لکان علی شکل معين، وذلك الشکل إمّا أنْ يکون لطبعه أو لقاسر، لا سبيل إلی الثاني؛ لأنّا فرضنا عَدَم القواسر، فإذنْ هو عن طبعه، وهو المطلوب.

فصل في الحركة والسكون

أمّا الحرکة فهي الخروج من القوة إلی الفعل علی سبيل التدريج، وأمّا السّکون فهو عَدَم الحرکة عمّا مِن شأنه أنْ يتحرّك، وکل جسم متحرك فله مُحرِّك غير الجسميّة ،إذ لو تحرّك الجسم بما هو جسم لکان کل جسم متحرّکاً، والتالي کاذب، فالمقدم مثله. ثم الحرکة علی أربعة أقسام: حرکة في الکمّ کالنمو، والذُبول، وحرکة في الکيف کتسخّن الماء وتبرّده مع بقاء صورته النوعيّة، وتُسمّی هذه الحرکة استحالةً، وحرکة في الأين، وهي انتقال الجسم من مکان إلی مکان علی سبيل التدريج، وتُسمّی نُقلةً، وحرکة في الوضع، وهي أن تکون للجسم حرکة علی الاستدارةِ، فإنّ أجزائه يُباين أجزاء مکانه ويُلازم کلُّه مکانه، فقد اختلف نسبة أجزائه إلی أجزاء مکانه علی التدريج.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118