عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الثاني)

[قال الإمام أحمد رضا -رحمه الله- في الفتاوى الرضويّة:]

أقول: وقد تقدّم قوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم حين تيمّم لردّ السّلام: ((لم يمنعني أن أردّ عليك السلام إلاّ أنّي لم أكن على طهر))[1]، فأرشد أنّ التيمّم لردّ السّلام يجعل المتيمّم طاهراً في حقّه مع أنّ السّلام لا يحتاج إلى الطهارة، فإذا اعتبر مطهِّراً فيما ليست الطهارة ضروريةً له؛ لعدم الماء حكماً ففي عدمه حقيقةً أولى، فما لا حلّ له إلاّ بالطّهارة أجدر وأحرى، وما أبدى المحقّق في الفتح[2] من احتمال كونه -صلّى الله تعالى عليه وسلّم-: (ما يصحّ معه التيمّم، ثم يردّ السّلام إذا صار طاهراً) اﻫ، ردّه في البحر[3]: (بأنّ المذهب أنّ التيمّم للسّلام صحيح، وأنّ التجويز المذكور خلاف الظاهر، كما لا يخفى) اﻫ.

أقول: ويلزم على هذا أنّه -صلّى الله تعالى عليه وسلّم- كان عادماً للماء حال التيمّم، كما حمله عليه الإمام النووي في شرح مسلم[4]، وهو في غاية البعد أشدّ البعد؛ لأنّ الواقعة كانت بـالمدينة الكريمة فصدر الحديث[5]: ((مرّ رجل في سكّة من السكك فسلّم عليه صلّى الله تعالى عليه وسلّم فلم يردّ عليه حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكّة، فضرب بيديه على الحائط)) الحديث، بل في الصحيحين[6]: ((أقبل رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم من نحو بئر جَمَل، فلقيه رجل فسلّم عليه، فلم يردّ


 

 



[1] أخرجه أبو داود في سننه (٣٣٠)، كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، ١/١٥١.

[2] الفتح، كتاب الطهارات، باب التيمّم، ١/١١٤.

[3] البحر، كتاب الطهارة، باب التيمّم، ١/٢٦٣، ملتقطاً.

[4] شرح مسلم = المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، كتاب الطهارة، باب التيمّم، ١/١٦١: لأبي زكريا يحيى بن شرف، النووي (ت٦٧٦ﻫ).

                                    (كشف الظنون، ١/٥٥٧).

[5] أخرجه أبو داود في سننه (٣٣٠)، كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، ١/١٥١.

[6] أخرجه البخاري في صحيحه (٣٣٧)، كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر... إلخ، ١/١٣٥، ومسلم في صحيحه (١٩٧)، كتاب الحيض، باب التيمم، صـ١٩٧.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

440