عنوان الكتاب: دروس البلاغة

أو بـ½مخاطَبة الإنسان نفسه¼، كقوله:

لاَ خَيْلَ عِنْدَكَ تَهْدِيْهَا وَلاَ مَالَ
.

 

فَلْيُسْعِدِ النُطْقُ إِنْ لَمْ تُسْعِدِ الْحَالُ
[[

أو بغير ذلك، كقوله:

فَلَئِنْ بَقِيْتُ لأَرْحَلَنَّ لِغَزْوَةٍ
.

 

تَحْوِي الغَنَائِمَ أَوْ يَمُوتَ كَرِيْمٌ
[[

 

أصلا بل بمخاطبة الإنسان نفسه وإنّما يستلزم ذلك التجريد أنّ مخاطبة الإنسان لنفسه لايتأتّى إلا إذا جعل نفسه أمامه؛ فإنّ الأصل في الخطاب أن يكون المخاطب أمام المتكلّم ولا يتأتّى جعل نفسه أمامه إلا بأن ينتزع من نفسه شخصا آخر يكون مثله في الصفة التي سيق الكلام لبيانها ;ليتمكّن من خطابه، فلذا  يكون مخاطبة الإنسان نفسه من أقسام التجريد كقوله:

لاَ خَيْلَ عِنْدَكَ تَهْدِيْهَا وَلاَ مَالَ
.

 

فَلْيُسْعِدِ النُطْقُ إِنْ لَمْ تُسْعِدِ الْحَالُ
[[

المراد بالحال: على ما قيل الغنى والمعنى فليعن حسن النطق بالمدح والثناء أو بالاعتذار بالفقر على عدم الإهداء إن لم يعن الحال أي: الغناء على الإهداء إليه لعدم وجدانه، فهذا الكلام سيق; لبيان فقره وأنّه لاخيل ولا مال عنده يهدي منه ليكافيء بذلك إحسان الممدوح فجرد من نفسه شخصا مثل نفسه في هذه الصفة التي هي كونه لا خيل عنده ولا مال يهدي منه وخاطبه مبالغة; لكمال صفة الفقر أو يكون التجريد بغير ذلك بأن يؤتى بالمنتزع منه على وجه يفهم منه الانتزاع بقرائن الأحوال من غير مخاطبة الإنسان نفسه ومن غير توسّط حرف أصلا كقوله: فلئن بقيت حيّا لأرحلن أي: لأسافرنّ لغزوة تحوي تلك الغزوة الغنائم أي: يجمعها أهل تلك الغزوة وهونفسه أو يموت أي: إلا أن يموت كريم فالمراد بالكريم: نفسه; لأنّ معنى الكلام كما أفاده السياق إنّي أجمع الغنائم أو أموت فقد أنتزع من نفسه بقرينة التمدّح بالكرم كريماً مبالغة في كرمه; فإنّ ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239