عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

((لَيَوْمٌ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ سِتِّيْنَ عَاماً))[1] فأعظم بعبادة يوازي يوم منها عبادة ستين سنة! وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ  ثَلاَثَةٌ: الإمَامُ الْمُقْسِطُ))[2] أحدهم. وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الْإِمَامُ الْعَادِلُ[3]))[4] أحدهم. وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَقْرَبُ النَّاسِ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامَةِ إمَامٌ عَادِلٌ))[5] رواه أبو سعيد الخدري. فالإمارة والخلافة من أعظم العبادات ولم يزل المتقون يتركونها ويحترزون منها ويهربون من تقلدها وذلك لما فيه من عظيم الخطر، إذ تتحرك بها الصفات الباطنة ويغلب على النفس حب الجاه ولذة الاستيلاء ونفاذ الأمر وهو أعظم ملاذ الدنيا، فإذا صارت الولاية محبوبة كان الوالي ساعياً في حظ نفسه، ويوشك أن يتبع هواه فيمتنع من كل ما يقدح في جاهه وولايته، وإن كان حقاً، ويقدم على ما يزيد في مكانته وإن كان باطلاً، وعند ذلك يهلك ويكون يوم من سلطان جائر شراً من فسق ستين سنة بمفهوم الحديث الذي ذكرناه. ولهذا الخطر العظيم كان عمر رضي الله عنه يقول: من يأخذها بما فيها، وكيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ وَالِي عَشَرَةٍ إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولةٌ يَدُهُ إِلَى عُنُقِه أَطْلَقَهُ عَدْلُهُ أَوْ أَوْبَقَه[6] جَوْرُهُ))[7] رواه معقل بن يسار وولاه عمر ولاية فقال: يا أمير المؤمنين أشر عليّ قال: اجلس واكتم علي. وروى الحسن أن رجلاً ولاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال للنبي خر لي قال: ((اجْلِسْ))[8] وكذلك حديث عبد الرحمن بن سمرة إذ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا))[9].وقال أبو بكر رضي الله عنه لرافع بن عمر: لا تأمر على اثنين ثم ولي هو الخلافة فقام بها فقال له رافع: أ لم تقل لي لا تأمر على اثنين وأنت قد وليت أمر


 



[1]      المعجم الكبير ، الحديث :۱۱۹۳۲،  ۱۱/۳۳۷.

[2]      صحيح مسلم ، كتاب الجنة...الخ ، باب الصفات التی يعرف بها ...الخ ، الحديث :۲۸٦٥،ص:۱٥۳۲بتغير .

[3]      وتمام الحديث: ½ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهم الصَّائمُ حتّى يُفطرَ، والإمامُ العَادِل، ودَعْوةُ المَظلوم يَرْفَعها اللهُ فَوقَ الغَمام ويَفتَحُ لها أبوابَ السّماء ويَقولُ الرَّبُّ تبَاركَ وتَعالى: وَعِزَّتي وَجَلالي لأنْصُرَنَّكَ وَلَو بَعدَ حِينٍ¼. (سنن الترمذي كتاب الدعوات عن رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ تَعَالٰى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باب في العفو والعافية)

[4]      سنن ابن ماجة، كتاب الصيام، باب في الصائم لا ترد دعوته، الحديث : ۱۷٥۲،  ٢/٣٤٩.

[5]      المسند للامام احمد بن حنبل، مسند أبي سعيد الخدری، الحديث : ۱۱۱۷٤، ٤/٤٦.

[6]      أي أهلكه. (لسان العرب)

[7]      المسند للامام احمد بن حنبل، مسند أبي هريرة ، الحديث :۹٥۷۹،  ٣/٤٢٥.

[8]      المصنف لبعد الرزاق، كتاب الجامع، باب الامام راع ، الحديث :۲۰۸۱۹،  ١٠/٢٨٢.

[9]      صحيح البخاری، كتاب الإيمان والنذور، باب قول الله تعالیٰ ...الخ  ، الحديث : ٦٦۲۲،  ٤/٢٨١ بتقدم و تاخر.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178