عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

السلام لما تعجل إلى ربه تعالى رأى في ظل العرش رجلاً فغبطه بمكانه فقال: إن هذا لكريم على ربه، فسأل ربه تعالى أن يخبره باسمه فلم يخبره وقال أحدثك من عمله بثلاث كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله وكان لا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة وقال زكريا عليه السلام: قال الله تعالى: الحاسد عدو لنعمتي، متسخِّط لقضائي غير راض بقسمتي التي قسَّمت بين عبادي.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِيْ أَن يَّكْثُرَ لَهُمُ الْمَالُ فَيَتَحَاسَدُوْنَ وَيَقْتَتِلُوْنَ)) [1]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((اسْتَعِينُوا على قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بالكِتْمانِ فإنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ)) [2]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ لِنِعَمِ اللهِ أَعْدَاءً)) فقيل ومن هم؟ فقال: ((الذِينَ يَحْسُدُوْنَ النَّاسَ عَلَى مَا آتاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ)) [3]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((سِتَّةٌ يَدْخُلُونَ النَّارَ قَبَلَ الحِسَابِ بِسَنَةٍ)) قيل يا رسول الله من هم؟ قال: ((الأُمَرَآءُ بِالجُورِ والعَرَبُ بِالعَصَبِيَّةِ وَالدَّهَاقِينَ[4] بِالتَّكَبُّرِ والتُجَّارُ بِالخِيَانَةِ وأهلُ الرُّسْتَاقِ[5] بِالْجَهَالَةِ وَالْعُلَمَاءُ بِالْحَسَدِ))[6].

الآثار: قال بعض السلف: أول خطيئة کانت هي الحسد، حسد إبليس آدم عليه السلام على رتبته فأبى أن يسجد له فحمله الحسد على المعصية. وحكي أن عون بن عبد الله دخل على الفضل بن المهلب وكان يومئذٍ على واسط[7] فقال: إني أريد أن أعظك بشيء فقال: وما هو؟ قال: إياك والكبر فإنه أول ذنب عُصِيَ اللهُ  به[8] ثم قرأ: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ﴾ الآية [البقرة:٣٤] وإياك والحرص فإنه أخرج آدم من الجنة أمكنه الله سبحانه من جنة عرضها السموات والأرض يأكل منها إلا شجرة واحدة نهاه الله عنها فأكل منها فأخرجه الله تعالى منها ثم قرأ: ﴿ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا﴾ إلى آخر الآية [البقرة: ٣٨] وإياك والحسد فإنما قتل ابن آدم أخاه حين حسده ثم قرأ: ﴿وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ


 



[1]      ميزان الاعتدال ، حرف الثاء ، الرقم : ۱٥٥۲، ثابت بن أبي ثابت،۱/ ۳۷۱.

[2]      المعجم الكبير، الحديث :۱۸۳،    ٢٠/٩٤

[3]      تفسير غرائب القران ،  البقرة :۱۰۹،۱/ ۳٦۳.

[4]      الدهاقين: جمع دهقان بالكسر وهو رئيس القرية. (اتحاف)

[5]      رُسْتَاقُ: فارسي معرب ويقال: رُسْداقٌ أيضًا وهو السواد. (مختار الصحاح)

[6]      تفسير غرائب القران ، البقرة :۱۰۹،۱/ ۳٦۳.

[7]      مدينة بين الكوفة والبصرة من الجانب الغرب بناها الحجاج بن يوسف الثقفي. (عمدة القاري بمعناه كتاب الإيمان باب المسلم من سلم المسلمون إلخ)

[8]      الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي الله به في الأرض. إذ حسد إبليس آدم في السماء، وحسد قابيلُ هابيلَ في الأرض. (أيسر التفاسير للجزائري، النساء تحت الآية: ٥٤)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178