عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الثاني)

نعم! من نوى من بدء الأمر أنّه لا يأتي إلاّ بالبعض، فهذا الذي يَردُ عليه أنّه لم يقصد الوضوء الشرعي بل هو عابث بقصد ما لا يعتبر شرعاً، والعابث لا يثاب بخلاف مَن قدّمنا وصفه، ويتراءي لي أنّ مثل ذلك العابث مَن قصد الوضوء الشرعي وأتى ببعض الأعمال، ثمّ قطع من دون عذر؛ فإنّ الله تعالى سمّى القطع إبطالاً، إذ يقول عزّ مَن قائل: ﴿وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ﴾ [محمّد: ٣٣]، والباطل لا حكم له، والله تعالى أعلم.

وثالثاً: محو الخطايا إن لم يكن ثواباً فلا ذكر له في الحديث أصلاً، وإن كان فالحديث حاكم بترتب ثواب كلّ فعل فعل عند وقوعه، ولا دلالة فيه على توقف الإثابة إلى أن يتمّ، وبالجملة فلا إغناء لأحد من القربة والسقوط عن الآخر بخلاف الرفع والسقوط، فلا وجه للتثليث. ثم رأيت العلامة ش أشار إلى هذا في ردّ المحتار حيث قال[1]: (رفع الحدث لا يتحقّق إلاّ في ضمن القربة أو إسقاط الفرض أو في ضمنهما، فيُستغنى بهما عنه)، اﻫ.

أقول: لم يظهر لي كيف يتحقّق رفع الحدث في ضمن القربة من دون سقوط الفرض حتّى يصحّ هذا التثليث الآخر الذي ذكر هذا العلاّمة بل كلّما رفع الحدث لزم منه سقوط الفرض، كما اعترف به في المنحة[2]، فإن جنح إلى ما قدّمنا[3] عنه من مسألة وضوء الصبي العاقل أي: إذا توضّأ ناوياً فقد


 

 



[1] انظر ردّ المحتار، كتاب الطهارة، باب المياه، ١/٦٦٢-٦٦٣، تحت قول الدرّ: هو الأصل في الاستعمال. ملتقطاً.

[2] منحة الخالق، كتاب الطهارة، باب الماء المستعمل، ١/١٦٧.

[3] انظر الفتاوى الرضوية، كتاب الطهارة، باب المياه، ٢/٦٩-٧١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

440