عنوان الكتاب: الكافية مع شرحه الناجية

﴿مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞوإلا قليلا ويعرب على حسب العوامل إذا كان المستثنى منه غير مذكور وهو في غير الموجب ليفيد مثل ما ضربني إلا زيد إلا أن يستقيم المعنى مثل قرأت إلا يوم كذا ومن ثم لم يجز مازال زيد إلا عالما

﴿مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ﴾ [النساء:٦٦] برفع ½قليل¼ على أنه بدل من الضمير البارز المرفوع في ½فعلوه¼ (وإلاّ قليلاً) بالنصب على أنه مستثنى عنه, وإيراد النصب في قوله ½إلاّ قليلاً¼ إنما على سبيل المشاكلة لا على أنه يجوز في القران, ثم اعلم أنه لا بدّ في هذا القسم من اشتراطِ أن لا يكون المستثنى متراخيًا عن المستثنى منه؛ إذ لوكان متراخيًا عنه لم يكن البدل مختارًا نحو ½ما جاءنى أحد حين كنت جالسًا إلاّ زيدًا¼, ومن اشتراطِ أن لا يكون الكلام ردًّا لكلام تضمّن الاستفهام؛ إذ لوكان ردًّا له فالأولى هو النصب نحو ½ما قام القوم إلاّ زيدًا¼ في جواب من قال: ½أقام القوم إلاّ زيدًا¼ (ويعرب) المستثنى (على حسَب العوامل) أي: وفق اقتضاء العامل, فإن اقتضى الرفعَ يُرفع, وإن اقتضى النصبَ ينصب, وإن اقتضى الجر يُجرّ (إذا كان المستثنى منه غير مذكور وهو) أي: والحال أن يكون المستثنى واقعًا (في) كلام (غير الموجب), وإنما اشترط كون المستثنى في كلام غير موجب (ليفيد) الكلام معنى صحيحًا (مثل ½ما ضربني إلاّ زيد¼) و½ما ضربت إلاّ زيدًا¼ و½ما مررت إلاّ بزيد¼, فهذه الجمل مفيدة لمعنى صحيح لوجود الشرط؛ إذ يصحّ أن لا يضرب المتكلّمَ أحدٌ سوى زيد, بخلاف ½ضربنى إلاّ زيد¼ فإنه لايصحّ أن يضرب المتكلم كل واحد سوى زيد, ثم هذا المستثنى يسمّى ½مفرَّغًا¼؛ لأنه فُرّغ له العامل عن العمل في المستثنى منه فهو في الحقيقة ½مفرَّغ له¼, ويقال له ½مفرَّغًا¼ على الاختصار كما يقال للمشترك فيه ½مشتركًا¼ (إلاّ أن يستقيم المعنى) استثناء ممّا يفهم من التقييد بقوله ½في غير الموجب¼ أي: لايعرب المستثنى في الموجب في وقت من الأوقات إلاّ وقت استقامة المعنى بأن يدلّ الكلام على المراد لظهوره, فإنه لايشترط حينئذ كونه في غير الموجب (مثل ½قرأت إلاّ يوم كذا¼) أي: قرأت في جميع أيام الشهر مثلاً إلاّ يوم الخميس مثلا؛ لأنه ظاهر أنه لا يريد المتكلم أنه قرء في جميع أيام الدنيا (ومن ثَمّ) أي: من أجل أن كون الكلام غير موجب شرط في المستثنى المفرَّغ (لم يجز) مثل (½ما زال زيد إلاّ عالمًا¼)؛ لأن ½عالمًا¼ مستثنى مفرَّغ والكلام موجب؛ إذ المعنى: أنّ زيدًا بقي على جميع الصفات سوى صفة العلم, فظهر أن الكلام موجب وأن المعنى غير مستقيم؛ إذ لايصح أن يكون شخص متصفًا بجميع


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

257