عنوان الكتاب: الكافية مع شرحه الناجية

مقدار غالبا إمّا في عدد نحو عشرون درهما وسيأتي وإمّا في غيره نحو رطل زيتا ومنوان سمنا وعلى التمرة مثلها زبدا

لما قبلها أي: القسم الأوّل من التمييز لأجل المفرد والمفرد لإبهامه سبب للتمييز, أو هى بمعنى ½بعد¼ كما في قوله تعالى: ﴿طَبَقًا عَن طَبَقٖ﴾ [الإنشقاق:١٩] أي: القسم الأوّل من التمييز بعد مفرد, أو معناه أن القسم الأوّل يرفع الإبهام عن مفرد, والمراد بالمفرد الاسم التامّ بالتنوين لفظًا أو تقديرًا أو بالإضافة أو بنون التثنية أو بنون مشابهة بنون الجمع, ثم ما يرفع الإبهام عن مفرد يرفع عن مفرد (مقدار) وهو ما يقدّر به الشيء وهو العدد والكيل والوزن والمساحة والمقياس (غالبًا) أي: في أكثر المواضع؛ لأن الإبهام في المقدار أكثر (إمّا في عدد) حال عن ½مفرد مقدار¼ أي: حال كونه متحقِّقًا في عدد (نحو ½عشرون درهمًا¼) فـ½درهمًا¼ تمييز يرفع الإبهام المستقر عن ذات مذكورة هي مفرد مقدار حال كونه في عدد وهو ½عشرون¼, وهو تامّ بنون مشابهة بنون الجمع, إن قلت ½عشرون¼ مفرد مقدار وهو بعينه العدد فكيف يصحّ أنه فيه وما هو إلاّ ظرفية الشيء لنفسه! قلت: لا, بل هو ظرفية الخاصّ للعامّ فإنّ المفرد المقدار عام يشمل العدد وغيره, و½عشرون¼ خاص (وسيأتي) بيان تمييز العدد في باب أسماء العدد (وإمّا في غيره) أي: غير العدد كالوزن وغيره (نحو) ½عندي (رطل زيتًا¼) مثال لتحقّق المفرد المقدار في الوزن, وهو تامّ بالتنوين, والرطل بكسر الراء وفتحها نصف منّ, والمراد به الموزون وهو مبهم, وقوله ½زيتًا¼ يرفع إبهامه (و) نحو ½عندي (منوان سمنًا¼) مثال لتحقّق المفرد المقدار في الوزن, وهو تام بنون التثنية, والمنوان تثنية ½منًا¼ بالقصر وهو أفصح من المنّ بالتشديد, وهو مرادف المدّ (و) نحو (½على التمرة مثلها زبدًا¼) مثال لتحقّق المفرد المقدار في المقياس, وهو تامّ بالإضافة, ومثال تحقّق المفرد المقدار في الكيل نحو ½عندي راقود برًا¼ فإنّ ½راقود¼ مكيال معروف لأهل مصر يأخذ أربعة وعشرين صاعًا, ومثال تحقّقه في المساحة نحو ½عندي ذراع ثوبًا¼, وإنما اقتصر المصـ على الأمثلة الثلاثة؛ لأن مقصوده ليس استيفاء أقسام المقادير بل المقصود التنبيه على ما يتم به الاسم؛ لأنه الناصب للتمييز, وما يتمّ به الاسم هو التنوين كما في المثال الأوّل والنون كما في الثاني والإضافة كما في الثالث, وقد يتمّ الاسم بنفسه فينتصب عنه التمييز, وذلك في شيأين أحدهما الضمير المبهم فيما فيه معنى المبالغة والتفخيم كمواضع التعجّب نحو ½نعم رجلاً زيد¼ و½لله درّه رجلاً¼, والثاني اسم الإشارة نحو قوله تعالى:﴿ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ﴾ [البقرة:٢٦] فالناصب للتمييز في الصورتين هو نفس الضمير واسم الإشارة لا الفعل, إن قلت: إنّ ½عشرون¼ و½رطل¼ و½منوان¼ و½مثل التمرة¼ وكذا ½راقود¼ و½ذراع¼ كلّها مقادير معيّنة معلومة لا إبهام فيها! قلنا المراد بها المعدود والموزون والمقيس والمكيل والممسوح وهي كلّها مبهمة خفيّة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

257