عنوان الكتاب: شرح التهذيب

بالضرورة والاكتساب بالنظر............................

قوله: [بالضرورة] إشارة إلى أنّ هذه القسمة بديهية لا يحتاج إلى تجشم الاستدلال[1] كما ارتكبه القوم[2]، وذلك لأنا إذا رجعنا[3] إلى وِجداننا وجدنا من التصورات ما هو حاصل لنا بلا نظر كتصور الحرارة والبرودة[4]، ومنها ما هو حاصل لنا بالنظر والفكر كتصور حقيقة


 



[1]قوله: [تجشم الاستدلال] التجشم: "رنج کشیدن"، وفي الأردوية: "کسی کام کی انجام دہی میں تکلیف اٹھانا". والاستدلال: "دليل آوردن" وإنما كان الاستدلال تجشما؛ لأن مَن ادّعى واستدّل صار هدفا ليسهام المنوع والمعارضات، سيما في هذا الزمان الذي جعل النظر فيه للمكابرة والضاد والمجادلة المثرة للخصومة و الفساد وصارت المناظرة مطروحة النظر وقبيحة المنظر، فطوبى لمن سلك مسلك النقل والحكاية وهو أحق أن يوصف بالدراية. (تحفة باختصار)

[2]قوله: [كما ارتكبه القوم] إشارة إلى ما ذكره الجمهور في الاحتجاج على أن بعض التصورات والتصديقات ضروري وبعضها نظري، حيث قالوا: ليس جميع التصورات والتصديقات بديهيا، وإلا لَمَا احتجنا في تحصيل شيء من الأشياء التصورية والتصديقية إلى نظر وفكر، والحال إنّا محتاجون في تحصيل بعضها إلى النظر والفكر كما هو ظاهر، ولا نظريا وإلا يلزم الدور والتسلسل، وذلك لأنّا إذا أردنا تحصيل شيء من الأشياء فلا بد أن يكون حصوله بعلم آخر والمفروض أنه أيضا نظري فيكون حصوله أيضا موقوفا على حصول علم آخر، وهكذا فإما أن يذهب ذلك إلى ما لا نهاية له فهو "التسلسل" أو يعود إلى ما بدء به أولاً فهو "دور" وكلاهما باطل. (قم)

[3]قوله: [لأنا إذا رجعنا] لإزالة الخفاء وإشارة إلى أن هذا الوجدان عامّ لا خاصّ، فلا يرد أن الوجدان لا يصير دليلا على الغير. (تحفة)

[4]قوله: [كتصور الحرارة والبرودة] المراد بتصور الحرارة والبرودة إدراكُ المفهوم الكلي يحصل للعقل بواسطة احساس الحاسّة جزئياتِ الحرارة و البرودة، لا تلك الإحساساتُ الجزئيات لأن الحرارة مثلا تحصل بذاتها في العضو الذي تقوم به القوة اللامسة، فكيف يكون حصولها على هذا الوجه عِلما؟ فإن العلم هو الصورة الحاصلة من الشيء في العقل. وإن قلت: لم لا يجوز أن يكون تصور الحرارة والبرودة وكذا التصديق "بأن الشمس مشرقة" و"النار محرقة" مكتسبا بالنظر وعدم الشعور بالاكتساب لا يستلزم عدمه لجواز النسيان بكيفية. قلت: أن هذه الأمور حاصلة لنا في المرتبة المسماة بالعقل وبالمَلَكة وفي هذه المرتبة لا اكتساب بالفعل فلا بد من أن يكون حصولها بلا اكتساب وهو المطلوب. (قم، تحفة)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

304