عنوان الكتاب: مجموعة الرسائل

الذلّةِ وَالْهَوَانِ وقالَ سَيِّدُنَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رحمه الله تعالى: إنّ لِسَانَ الْحَكِيْمِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فإذا أَرَادَ أن يقولَ رَجَعَ إلى قَلْبهِ، فإن كانَ له قالَ، وإنْ كانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وإنّ الْجاهِلَ قَلْبَه على طَرَفِ لِسَانه لا يَرْجِعُ إلى قَلْبه، ما أَتَى عَلَى لِسَانهِ تَكَلَّمَ[1].

طريقة التفكر قبل الكلام

أيّها الإخوة! كان النَّبيُّ الكريم صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم لَمْ يَنْطِق عَن الْهَوَى ولَمْ يضحك بالقهقةِ أَبَدًا يا لَيْتَ سُنَّةَ الصَّمْتِ عَن فضُوْل الكلامِ وعَدَمِ الْقَهْقَهَةِ تعُمُّ، ويا لَيْتَنَا نَتَعَوَّدُ على التَّفَكُّرِ قبلَ أن نَتَكَلَّمَ، وإنّ طرِيقةَ التَّفَكُّرِ هي أن نَرْجِعَ إلى قُلُوْبنَا قَبْلَ أن نَلْفِظَ: ما الْغَرَضُ من هذا الكلامِ؟ هل نَدْعُو به أَحَدًا إلى المعروفِ؟ وهل في كلامِنَا هذا خَيْرٌ لَنَا أوْ لِغَيْرِنا؟ وهل كلاَمُنَا مَمْلُوْءٌ بمُبَالَغَةٍ تُؤَدِّي إلى الْكَذِب؟

لقَدْ ضَرَبَ صَدْرُ الشَّريعةِ المفتي محمد أَمْجَد عليٌّ الأعظميُّ رحمه الله تعالى مِثالاً لِلْمُبَالَغَةِ الْكاذِبَةِ حيثُ قالَ: ليس مِن الْكَذِب ما اعْتِيْدَ مِن الْمُبَالَغَةِ كَـ: جئْتُكَ أَلْفَ مَرَّةٍ؛ لأَنّ المرادَ


 



[1] ذكره السمرقندي في "تنبيه الغافلين"، صـ١١٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

403