عنوان الكتاب: مجموعة الرسائل

مُستَقبلِنا، ونَسعَى جاهِدين لِجَمعِ أَنوَاعِ وَسائِلِ الرَّاحةِ والرَّفاهِيةِ ونُرِيدُ زِيادَةَ رَصِيد حِساباتنا البَنكِيةِ، ونُحاوِلُ أَن تَزدَهِرَ أَعمالُنا التِّجارِيَّةُ ونُخَطِّطُ كَثيرًا لِلمُستَقبلِ مِن أَجلِ تَحقِيقِ الرَّاحةِ الدُّنيوِيَّةِ، لكِن لِلأَسَفِ نَنشَغِلُ عَن إصلاحِ الْمُستَقبلِ الأُخرويِّ ونُسوِّفُ في التَّزوُّدِ لِلآخِرَةِ، بينما لا نَعلمُ كَم مِن الناسِ يَموتُون ويَدْخُلون القُبورَ الْمُظلِمةَ، ثُمَّ يَتحَسَّرُون ويَندَمُون.

إنّما الانشِغالُ بإصلاحِ الْحَياةِ الدُّنيا والتَّعَلّقُ بها، والغَفلَةُ عَن التَّفكِيرِ في الآخرَةِ، وتَركُ مُحاسَبةِ النَّفسِ فيما سَلَفَ مِن الأَعمَال، وعَدمُ العَزمِ عَلى الطَّاعَةِ وَاجْتِناب الْمَعصِيَةِ كُلُّ هذَا.. لَيسَ سِوى خَسارَةٍ وضَرَرٍ، فَالعاقِلُ مَن حاسَبَ نفسَه ووَضَعَ الآخرةَ نُصبَ عَينَيهِ فسَعى لإصلاحِ نَفسهِ، ونَدِمَ عَلى ذُنُوبِه وتَقصِيرِه كما كان يَفعَل أسلافُنا رحمهم الله تعالى.

محاسبة غريبة

نَقَلَ حُجَّةُ الإسلامِ سيِّدُنا الإمامُ الغَزاليُّ رحمه الله تعالى: جَلَسَ سيِّدُنا ابنُ الصِّمَّة رحمه الله تعالى يومًا لِيُحاسِبَ نفسَه فعَدَّ عُمرَه فإذا هوَ ابنُ سِتِّين سنَةً فحَسَبَ شُهورَها فإذا هِي سبعُ مِئةٍ وَعِشرُون شهرًا، ثُمَّ حَسَبَ أيّامَها فإذا هي أحدٌ وعِشرُون ألف يومٍ وستُّ مِئة يومٍ، فصَرَخ وقال: يا وَيْلتى ألقَى الْمَلِكَ بأَحَد


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

403