عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

وعدم تأخير النية عن التحريمة والنطق بالتحريمة بحيث يسمع نفسه على الأصح ونية المتابعة للمقتدي

مرّتين خلافاً لبعضهم, وإن كان إلى الركوع أقرب لا يصحّ الشروع (و) الثالث منها (عدَم تأخير النيّة عن التحريمة)؛ لأنّ الصلاة عبادة وهي لا تتجزأ فما لم ينوها لا تقع عبادة ولا حرج في عدم تأخيرها بخلاف الصوم وهو صادق بالمقارنة وبالتقدم, والأفضل المقارنة الحقيقية للاحتياط خروجاً من الخلاف, وإيجادها بعد دخول الوقت مراعاة للركنيّة (و) الرابع منها (النطق بالتحريمة بحيث يسمع نفسه) بدون صمم, ولا يلزم الأخرس تحريك لسانه على الصحيح وغير الأخرس يشترط سماعه نطقه (على الأصح) كما قاله شمس الأئمّة الحلواني وأكثر المشايخ على أنّ الصحيح أنّ الجهر حقيقته أن يسمع غيره والمخافتة أن يسمع نفسه, وقال الهندواني لا تجزئه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه فالسَماع شرط فيما يتعلّق بالنطق باللسان التحريمة, والقراءة السرِّيّة والتشهّد والأذكار والتسمية على الذبيحة ووجوب سجدة التلاوة والعتاق والطلاق والاستثناء واليمين والنذر والإسلام والإيمان حتّى لو أجرى الطلاق على قلبه وحرَّك لسانه من غير تلفّظ يسمع لا يقع وإن صحَّح الحروف, وقال الكرخي القراءة تصحيح الحروف وإن لم يكن صوت بحيث يسمع والصحيح خلافه, قال المحقق الكمال ابن الهمام رحمه الله تعالى: اعلم أنّ القراءة وإن كانت فعل اللسان لكن فعله الذي هو كلام, والكلام بالحروف, والحرف كيفية تعرض للصوت وهو أخصّ من النفس فإن النفس المعروض بالقرع فالحرف عارض للصوت لا للنفس فمجرّد تصحيحها أي: الحروف بلا صوت إيماء إلى الحروف بعضلات المخارج لا حروف فلا كلام انتهى . ومن متعلّقات القلب النيّة للإخلاص فلا يشترط لها النطق كالكفر بالنيّة, قال الحافظ ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى: لم يثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بطريق صحيح ولا ضعيف أنّه كان يقول عند الافتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين بل المنقول أنّه كان صلّى الله عليه وسلّم إذا قام إلى الصلاة كبّر وهذه بدعة([1]) اهـ. وفي مجمع الروايات التلفّظ بالنيّة كرَّهَه البعض؛ لأنّ عمر رضي الله عنه أدَّب من فعله, وأباحه البعض لما فيه من تحقيق عمل القلب وقطع الوسوسة, وعمر رضي الله تعالى عنه إنّما زجر من جهر به فأمّا المخافتة به فلا بأس بها فمن قال من مشايخنا إنّ التلفّظ بالنيّة سنّة لم يرد به سنّة النّبي صلّى الله عليه وسلّم بل سنّة بعض المشايخ لاختلاف الزمان وكثرة الشواغل على القلوب فيما بعد زمن التابعين (و) الخامس منها (نيّة المتابعة) مع نيّة أصل الصلاة (للمقتدي([2])) أمّـا


 



[1]       قوله: [وهذه بدعة] قال الإمام الطحطاوي: قال في البحر: فتحرّر من هذه الأقوال أنه بدعة حسنة عند قصد جمع العزيمة آهـ. قال في الفتح بعد قول الهداية: ½أنه حسن لاجتماع عزيمته¼ اهـ. وقد يفهم أنه لا يحسن لغير هذا القصد. ط، صـ٢٢١.

[2]       قوله: [ونية المتابعة للمقتدي] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: أقول: وبالله التوفيق: متابعتك غيرك جعلك نفسك تابعا له، والتبعية إنما تتصور بشيئين: أحدهما إتيان شيء بمعنى أنه إن فعله فعلت، وإن تركه تركت. والآخر في وقته، فلا تتقدم عليه ولا تسبقه إليه وإن لم يكن فعلك متوقفاً على فعله ولا متقيداً بتقدمه بل تفعله وإن لم يفعل، أو لم يفعل بعد، ففيمَ أنت تابع له؟ بل أنت مستقل بنفسك كما لا يخفى، وحينئذ لا يظهر معنى المتابعة في السنن والمستحبات وبعض الواجبات القولية كالتشهد والقنوت أما وجوب تركها عند ترك الإمام إذا لزم من فعلها مخالفته في واجب فعلي فليس للمتابعة في الترك، بل للمتابعة في ذلك الواجب الفعلي فافهم، وأمعن النظر والله تعالى أعلم. ١٢ ("جد الممتار"، ٢/١٧٢)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396