عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

ولا إعادة عليه لو أخطأ وإن علم بخطئه في صلاته استدار وبنى وإن شرع بلا تحر فعلم بعد فراغه أنه أصاب صحت وإن علم بإصابته فيها فسدت كما لو لم يعلم إصابته أصلا

ولا يجوز التحري مع وضع المحاريب؛ لأنّ وضعها في الأصل بحقّ ومن ليس من أهل المكان, والعلم لا يلتفت إلى قوله, وإن أخبره اثنان ممّن هو مسافر مثله؛ لأنّهما يخبران عن اجتهاد ولا يترك اجتهاده باجتهاد غيره وليس عليه قرع الأبواب للسؤال عن القبلة ولا مسّ الجدران خشية الهوام وللاشتباه بطَاقِ غير المحراب, وإذا صلّى الأعمى ركعة لغير القبلة فجاءه رجل وأقامه إليها واقتدى به فإن لم يكن حال افتتاحه عنده مخبر فصلاة الأعمى صحيحة؛ لأنّه لا يلزمه مسّ الجدران وإلاّ فهي فاسدة, ولا يصحّ اقتداء الرجل به في الصورتين لقدرته في الأولى وعلم خطئه في الثانية (ولا إعادة عليه) أي: المتحري (لو) علم بعد فراغه أنّه (أخطأ) الجهة لقول عامر بن عقبة رضي الله عنه كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ليلة مُظْلِمَة فلم ندر أين القبلة ؟ فصلّى كلّ رجل منّا على حياله فلمّا أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنزلت ﴿ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِ ﴾[البقرة: ١١٥] وليس التحري للقبلة مثل التحري للتوضؤ والساتر فإنّه إذا ظهر نجاسة الماء أو الثوب أعاد؛ لأنّه أمر لا يحتمل الانتقال والقبلة تحتمله كما حوّلت عن المقدس إلى الكعبة (وإن علم بخطئه) أو تبدّل اجتهاده (في صلاته استدار) من جهة اليمين لا اليسار (وبنى) على ما أداه بالتحري؛ لأنّ تبدّل الاجتهاد كالنسخ . وأهل قباء استداروا في الصلاة إلى الكعبة حين بلغهم النسخ, واستحسنه النّبي صلّى الله عليه وسلّم وإن تذكّر سجدة صلبيّة بطلت صلاته (وإن شرع) من اشتبهت عليه (بلا تحرّ) كان فعله موقوفاً فلو أَتَمَّها (فعلم بعد فراغه) من الصلاة (أنّه أصاب صحّت)؛ لأنّه بتبيّن الصواب بطل الحكم بالاستصحاب([1]) وثبت الجواز من الصلاة (وإن علم بإصابته فيها) ولو بغالب الظنّ (فسدت)؛ لأنّ حالته قويت به فلا يبني قوّياً على ضعيف خلافاً لأبي يوسف رحمه الله (كما) فسدت فيما (لو لم يعلم إصابته أصلاً)؛ لأنّ الفساد ثابت باستصحاب الحال([2])، ولم يرتفع بدليل فتقرّر الفساد؛ لأنّ المشروط لم يحصل حقيقة ولا حكماً . وإذا وقع تحرّيه إلى جهّة فصلّى إلى غيرها لا تجزئه لتركه الكعبة حكماً في حقّه وهي الجهة التي تحرّاها ولو أصاب خلافاً لأبي يوسف في ظهور إصابته هو يجعله كالمتَحَرِّي في الأواني إذا عدل عن تحريه وظهر طهارة ما توضّأ به صحّت صلاته . وعلى هذا لو صلّى في ثوب وهو يعتقد أنّه نجس أو أنّه محدث أو عدم دخول الوقت فظهر بخلافه لا تجزئه وإن وجد الشرط لعدم شرط آخر وهو فساد فعله ابتداء لعدم الجزم. وأمّا


 



[1]       قوله: [الاستصحاب] أي: حال الذي اشتبه عليه القبلة فإن حاله عند عدم التحري الفساد؛ لأنّ الصلاة بدون التحري عند الاشتباه فاسدة. ط. ١٢

[2]       قوله: [باستصحاب الحال] هو الفساد لترك التحري عند الاشتباه. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396