عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

التشهد في القعود الأول وهو التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وقرأ الفاتحة فيما بعد الأوليين ثم جلس وقرأ التشهد ثم صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا بما يشبه القرآن والسنة ثم سلم يمينا ويسارا فيقول السلام عليكم ورحمة الله ناويا من معه كما تقدم.

التشهّد في القعود الأوّل) لوجوب القيام للثالثة (وهو) كما قال علّمني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التشهّد أخذ كفي بين كفيه كما يعلّمني السورة من القرآن فقال إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل (التحيَّات لله والصَّلوات والطيِّبات) جمع تحيّة من حيَّا فلان فلاناً إذا دعا له عند ملاقاته كقولهم حيّاك الله أي: أبقاك, والمراد هنا أعزّ الألفاظ التي تدلّ على الملك والعظمة وكلّ عبادة قولية لله تعالى, والمراد بالصلوات هنا العبادات البدنيّة ونحوها والطيبات العبادات المالية لله تعالى وهي الصادرة منه ليلة الإسراء فلمّا قال ذلك النّبي صلّى الله عليه وسلّم بإلهام من الله سبحانه ردّ الله عليه وحياه بقوله (السلام عليك أيّها النّبي ورحمة الله وبركاته) فقابل التحيّات بالسلام الذي هو تحية الإسلام, وقابل الصلوات بالرحمة التي هي بمعناها, وقابل الطيّبات بالبركات المناسبة للمال لكونها النموّ والكثرة فلمّا أفاض الله سبحانه وتعالى بإنعامه على النّبي صلّى الله عليه وسلّم بالثلاثة مقابل الثلاثة والنّبي أكرم خلق الله وأجودهم عطف بإحسانه من ذلك الفيض لإخوانه الأنبياء والملائكة وصالحي المؤمنين من الإنس والجنّ فقال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فَعَمَّهم به كما قال صلّى الله عليه وسلّم: ½إنّكم إذا قلتموها أصابت كلّ عبد صالح في السّماء والأرض وليس أشرف من العبوديّة في صفات المخلوقين وهي الرضا بما يفعل الربّ والعبادة ما يرضيه¼, والعبوديّة أقوى من العبادة لبقائها في العقبى بخلاف العبادة والصالح القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد فلمّا أن قال ذلك صلّى الله عليه وسلّم إحساناً منه شهد أهل الملكوت الأعلى والسماوات وجبريل بوحي وإلهام بأن قال كلّ منهم (أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله) أي: أعلم وأُبَيِّنُ وجمع بين أشرف أسمائه وبين أشرف وصف للمخلوق وأرقى وصف مستلزم للنبوة لمقام الجمع فيقصد المصلّي إنشاء هذه الألفاظ مرادة له قاصداً معناها الموضوعة له من عنده كأنّه يُحَيّ الله سبحانه وتعالى ويسلّم على النّبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى نفسه وأولياء الله تعالى خلافاً لما قاله بعضهم إنّه حكاية سلام الله لا ابتداء سلام من المصلّي (وقرأ الفاتحة فيما بعد) الركعتين (الأوليين) من الفرائض فشمل المغرب (ثمّ جلس) مفترشاً رجله اليسرى ناصباً اليمنى وتَتوَّرك المرأة (وقرأ التشهّد) المتقدّم (ثمّ صلّى على النّبي صلّى الله عليه وسلّم ثمّ دعا) ليكون مقبولاً بعد الصلاة على النّبي صلّى الله عليه وسلّم (بما يشبه) ألفاظ (القرآن والسنّة ثمّ سلّم يميناً) ابتداء (ويساراً) انتهاء (فيقول السلام عليكم ورحمة الله ناوياً من معه) من القوم والحفظة (كما تقدّم) بيانه بحمد الله سبحانه وَمنَّتِهِ.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396