عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

ومن مات في سفينة وكان البر بعيدا وخيف الضرر غسل وكفن وصلي عليه وألقي في البحر ويستحب الدفن في محل مات به أو قتل فإن نقل قبل الدفن قدر ميل أو ميلين لا باس به وكره نقله لأكثر منه ولا يجوز نقله بعد دفنه بالإجماع إلا أن تكون الأرض مغصوبة أو أخذت بالشفعة وإن دفن في قبر حفر لغيره ضمن قيمة الحفر

أهل الحرب فلا بأس بنبشهم إن احتيج إليه([1]). (ومن مات في سفينة وكان البر بعيدا وخيف الضرر) به (غسل وكفن) وصلى عليه (وألقي في البحر) وعن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يثقل ليرسب وعن الشافعية كذلك إن كان قريبا من دار الحرب وإِلاَّ شُدَّ بين لوحين ليقذفه البحر فيدفن (ويستحب الدفن في) المقبرة (محل مات به أو قتل) لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت حين زارت قبر أخيها عبد الرحمن وكان مات بالشام وحمل منها: لو كان الأمر فيك إلي ما نقلتك ولدفنتك حيث مت (فإن نقل قبل الدفن قدر ميل أو ميلين) ونحو ذلك (لا بأس به)؛ لأن المسافة إلى المقابر قد تبلغ هذا المقدار (وكره نقله لأكثر منه) أي: أكثر من الميلين كذا في الظهيرية وقال شمس الأئمة السرخسي وقول محمد في الكتاب لا بأس أن ينقل الميت قدر ميل أو ميلين بيان أن النقل من بلد إلى بلد مكروه قاله قاضيخان وقد قال قبله لو مات في غير بلده يستحب تركه فإن نقل إلى مصر آخر لا بأس به لما روي أن يعقوب صلوات الله عليه مات بمصر ونقل إلى الشام وسعد ابن أبي وقاص مات في ضيعة على أربعة فراسخ من المدينة ونقل على أعناق الرجال إلى المدينة . قلت يمكن الجمع بأن الزيادة مكروهة في تغيّر الرائحة أو خشيتها وتنتفي بانتفائها لمن هو مثل يعقوب عليه السلام أو سعد رضي الله عنه؛ لأنهما من أحياء الدارين (ولا يجوز نقله([2])) أي: الميت (بعد دفنه) بأن أهيل عليه التراب وأما قبله فيخرج (بالإجماع) بين أئمتنا طالت مدة دفنه أو قصرت للنهي عن نبشه والنبش حرام حقا لله تعالى (إلا أن تكون الأرض مغصوبة) فيخرج لحق صاحبها إن طلبه وإن شاء سواه بالأرض وانتفع بها زراعة أو غيرها (أو أخذت) الأرض (بالشفعة) بأن دفن فيها بعد الشراء ثم أخذت بالشفعة لحق الشفيع فيتخير كما قلنا (وإن دفن في قبر حفر لغيره) من الأحياء بأرض ليست مملوكة لأحد (ضمن قيمة الحفر) وأخذ من تركته وإلا فمن بيت المال أو المسلمين كما قدمناه فإن كانت المقبرة واسعة يكره ذلك؛ لأن صاحب القبر يستوحش بذلك وإن كانت الأرض ضيقة جاز أي: بلا كراهة قال الفقيه أبو الليث رحمه الله؛ لأن أحدا من الناس لا يدري بأي أرض يموت وهذا كمن بسط بساطا أو مصلى أي: سجادة في المسجد أو المجلس فإن كان المكان واسعا لا يصلي ولا يجلس عليه غيره وإن كان المكان ضيقا جاز لغيره أن يـرفـع الـبساط


 



[1]       قوله: [إن احتيج إليه] فتنبش وترفع العظام والآثار وتتخذ مقبرة للمسلمين أو مسجداً. "رد المحتار"، ٥/٣٧٨. ١٢

[2]       قوله: [ولا يجوز نقله] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: ولو أوصى به. ١٢ ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٩/٤٠٥)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396