عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

 

سبحانه لنا دوام حبك والحشر مع حزبك وقبول زيارتنا السلام عليك ورحمة الله وبركاته ثم تتحول مثل ذلك حتى تحاذي رأس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا مظهر الإسلام السلام عليك يا مكسر الأصنام جزاك الله عنا أفضل الجزاء لقد نصرت الإسلام والمسلمين وفتحت معظم البلاد بعد سيد المرسلين وكفلت الأيتام ووصلت الأرحام وقوي بك الإسلام وكنت للمسلمين إماما مرضيا وهادياً مهدياً جمعت شملهم وأعنت فقيرهم وجبرت كسيرهم السلام عليك ورحمة الله وبركاته ثم ترجع قدر نصف ذراع فتقول : السلام عليكما يا ضجيعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقيه ووزيريه ومشيريه والمعاونين له على القيام بالدين والقائمين بعده بمصالح المسلمين جزاكما الله أحسن الجزاء جئناكما نتوسل بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع لنا ويسأل الله ربنا أن يتقبل سعينا ويحيينا على ملته ويميتنا عليها ويحشرنا في زمرته ثم يدعو لنفسه ولوالديه ولمن أوصاه بالدعاء ولجميع المسلمين ثم يقف عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم كالأول ويقول : اللهم إنك قلت وقولك الحق ﴿َلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا ﴾[النساء: ٦٤] وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك اللهم ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . ﴿ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾[البقرة: ٢٠١]، ﴿ سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِينَ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾[الصافات: ١٨٠/١٨٢] ويزيد ما شاء ويدعو بما حضره ويوفق له بفضل الله ثم يأتي أسطوانة أبي لبابة التي ربط بها نفسه حتى تاب الله عليه وهي بين قبره والمنبر فيصلي ما شاء نفلا ويتوب إلى الله ويدعو بما شاء ويأتي الروضة فيصلي ما شاء ويدعو بما أحب ويكثر من التسبيح والتهليل والثناء والاستغفار ثم يأتي المنبر فيضع يده على الرمانة التي كانت به تبركا بأثر الرسول صلى الله عليه وسلم ومكان يده الشريفة إذا خطب لينال بركته صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ويسأل الله ما شاء ثم يأتي الأسطوانة الحنانة وهي التي فيها بقية الجذع الذي حن إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين تركه وخطب على المنبر حتى نزل فاحتضنه فسكن ويتبرك بما بقي من الآثار النبوية والأماكن الشريفة([1])، ويجتهد في إحياء الليالي مدة إقامته


 



[1]       قوله: [والأماكن الشريفة] كان أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يتبركون بأجزاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وآثاره وثيابه وشرابه وطعامه، وذلك لإيمانهم بأن أجزاؤه الشريفة وآثاره الكريمة هي مليئة بالخيرات والبركات، وفي ذلك ما روى مسلم عن أنس، قال: رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والحلاق يحلقه، وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل، وعنه أيضا قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء، إلا غمس يده فيها، فربما جاؤه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها، قال الإمام النووي رحمه الله: وهذا بيان ما كانت الصحابة عليه من التبرك بآثاره صلى الله تعالى عليه وسلم، وتبركهم بإدخال يده الكريمة في الآنية، وتبركهم بشعره الكريم، وإكرامهم إياه أن يقع شيء منه، أخرجه مسلم في الفضائل، باب قرب النبي عليه الصلاة والسلام من الناس وتبركهم به، وعن أنس أيضا قال: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها، وليست فيه قال: فجاء ذات يوم فنام على فراشها، فأتيت فقيل لها: هذا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نام في بيتك، على فراشك، قال: فجاءت وقد عرق، واستنقع عرقه على قطعة أديم، على الفراش، ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها، ففزع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: ما تصنعين يا أم سليم؟ فقالت يارسول الله نرجو بركته لصبياننا، قال: أصبت، أخرجه مسلم في الفضائل باب طيب عرق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والتبرك به، وروى الإمام أحمد عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: حدثتني أمي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دخل عليها، وفي بيتها قربة معلقة، قالت: فشرب من القربة قائما فعمدت إلى فم القربة فقطعتها، أخرجه أحمد في مسنده، ٦/٣٧٦، والمعنى أن أم سليم رضي الله تعالى عنها قطعت فم القربة الذي هو موضع شربه صلى الله تعالى عليه وسلم واحتفظت به في بيتها للتبرك بأثر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396