عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

وسجودها وإن لم ينوها إذا لم ينقطع فور التلاوة بأكثر من آيتين

(و) يجزئ عنها أيضا (سجودها) أي: سجود الصلاة (وإن لم ينوها) أي: التلاوة (إذا لم ينقطع فور التلاوة) وانقطاعه (بـ) أن يقرأ (أكثر من آيتين) بعد آية سجدة التلاوة بالإجماع وقال شمس الأئمة الحلواني لا ينقطع الفور ما لم يقرأ أكثر من ثلاث آيات([1]) وقال الكمال إن قول شمس الأئمة هو الرواية. تنبيه مهمّ: إذا انقطع فور التلاوة صارت دينا فلا بد من فعلها بنية فيأتي لها بسجود أو ركوع خاصّ. قال المحقق الكمال بن الهمام رحمه الله تعالى فإن قلت قد قالوا إن تأديتها في ضمن الركوع وهو القياس والاستحسان عدمه والقياس هنا مقدم على الاستحسان فأسعفني بكشف هذا المقام . فالجواب أنّ مرادهم من الاستحسان ما خفي من المعاني التي يناط بها الحكم ومن القياس ما كان ظاهرا متبادرا فظهر من هذا أن الاستحسان لا يقابل وقد يكون بالقياس المحدود في الأصول بل هو أعم منه فقد يكون الاستحسان بالنص وقد يكون بالضرورة وقد يكون بالقياس إذا كان قياس آخر متبادراً وذلك خفي وهو القياس الصحيح فيسمى الخفي استحساناً بالنسبة إلى ذلك المتبادر فثبت به أنّ مسمّى الاستحسان في بعض الصور هو القياس الصحيح ويسمى مقابله قياسا باعتبار الشبه وبسبب كون القياس المقابل ما ظهر بالنسبة إلى الاستحسان ظن محمد بن سلمة أن الصلبية هي التي تقوم مقام سجدة التلاوة لا الركوع فكان القياس على قوله أن تقوم الصلبية وفي الاستحسان لا تقوم بل الركوع؛ لأن سقوط السجدة بالسجدة أمر ظاهر فكان هو القياس وفي الاستحسان لا يجوز؛ لأن السجدة قائمة مقام نفسها فلا تقوم مقام غيرها كصوم يوم من رمضان لا يقوم عن نفسه وعن قضاء يوم آخر فصح أن القياس وهو الأمر الظاهر هنا مقدم على الاستحسان بخلاف قيام الركوع مقامها فإن القياس يأبى الجواز؛ لأنه الظاهر وفي الاستحسان يجوز وهو الخفي فكان حينئذ من تقديم الاستحسان لا القياس لكن عامة المشايخ على أنّ الركوع هو القائم مقامها كذا ذكره محمد رحمه الله في الكتاب فإنه قال قلت فإن أراد أن يركع بالسجدة نفسها هل يجزئه ذلك قال أما في القياس فالركعة في ذلك والسجدة سواء؛ لأن كل ذلك صلاة وأما في الاستحسان فينبغي له أن يسجد وبالقياس نأخذ هذا لفظ محمد وجه القياس ما ذكره محمد أن معنى التعظيم فيهما واحد فكانا في حصول التعظيم بهما جنسا واحدا والحاجة إلى تعظيم الله إما اقتداء بمن عظم وإما مخالفة لمن استكبر فكان الظاهر هو الجواز ووجه الاستحسان أن الواجب هو التعظيم بجهةٍ مخصوصةٍ وهي السجود بدليل أنه لو لم يركع على الفور حتى طالت القراءة ثم نوى بالركوع أن يقع عن السجدة لا يـجوز ثـم أخذوا


 



[1] قوله: [لا ينقطع الفور ما لم يقرأ أكثر من ثلاث آيات] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: معنى الفور عدم الفصل بأربع آيات فصاعدا، وإلا فلا بد من تخلل ركوع وقومة. ١٢ ("جد الممتار"، ٢/٤٨٧ ملخصاً)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396