عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

ولو خرج بنفسه من غير عصر في الأظهر، ولا بماء زال طبعه بالطبخ أو بغلبة غيره عليه، والغلبة في مخالطة الجامدات بإخراج الماء عن رقته وسَيَلانه ولا يضر تغير أوصافه كلها بجامد كزعفَرانٍ وفاكهة وورَق شجر

(ولو خرج بنفسه من غير عصر) كالقاطر من الكرم([1]) (في الأظهر) احترز به عمّا قيل([2]) بأنّه يجوز بماء يقطر بنفسه لأنّه ليس لخروجه بلا عصر تأثير في نفي القيد وصحّة نفي الاسم عنه, وإنّما صحّ إلحاق المائعات المزيلة بالماء المطلق لتطهير النجاسة الحقيقية لوجود شرط الإلحاق, وهي تناهي أجزاء النَجاسة بخروجها مع الغسلات وهو منعدم في الحكمية لعدم نجاسة محسوسة بأعضاء المحدث, والحدث أمر شرعي له حكم النجاسة لمنع الصلاة معه وعيَّن الشارع لإزالته آلةً مخصوصة([3]) فلا يمكن إلحاق غيرها بها . (ولا) يجوز الوضوء (بماء زال طبعه) وهو: الرقّة والسَّيَلان والإرواء والإنبات (بالطبخ) بنحو حَمِّصٍ وعدس؛ لأنه إذا برد ثَخُن كما إذا طبخ بما يقصد به النظافة كالسِّدر وصار به ثخيناً وإن بقي على الرقّة جاز به الوضوء . ولمّا كان تقييد الماء يحصل بأحد الأمرين كمال الامتزاج بتشرّب النبات أو الطبخ بما ذكرناه بيَّن الثاني وهو غلبة الممتزج بقوله: (أو بغلبة غيره) أي: غير الماء (عليه) أي: على الماء ولمّا كانت الغلبة مختلفة باختلاف المخالط بغير طبخ ذكر ملخَّص ما جعله المحقّقون ضابطاً في ذلك([4]) فقال: (والغلبة) تحصل (في مخالطة) الماء لشيء من (الجامدات([5])) الطاهرة (بإخراج الماء عن رقّته) فلا ينعصر عن الثوب (و) إخراجه عن (سَيَلانه) فلا يسيل على الأعضاء سيلان الماء (و) أمّا إذا بقي على رقته وسيلانه: فإنه (لا يضرّ) أي: لا يمنع جواز الوضوء به (تغيّر أوصافه كلها بجامد:) خالطه بدون طبخ (كزعفران([6]) وفاكهة وورق شجر) لما في البخاري ومسلم: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بغسل الذي وقصته ناقته وهو محرم بماء وسدر وأمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل بماء وسدر واغتسل النّبي صلّى الله


 



[1]       قوله: [من الكرم] أي: من العنب وعن النّبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم قال: ½لا تسمّوا العنب الكرم¼ أخرجه البخاري في الأدب، باب: لا تسبّوا الدهر، "صحيح البخاري"، ٤/١٥٠.

[2]       قوله: [عمّا قيل] القائل هو: صاحب الهداية (المرغيناني) رحمه الله. ١٢

[3]       قوله: [آلة مخصوصة] وهي: إمّا الماء المطلق أو خلفه وهو التراب. ١٢

[4]       قوله: [ضابطاً في ذلك] أي: في الغلبة. ١٢

[5]       قوله: [في مخالطة الجامدات... إلخ] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: لا يتوقّف زوال رقّة الماء على مخالطة الجامدات فقط, بل المائعات التي لها جرم مثل العسل أيضاً تزيل رقّة الماء إذا امتزجت به على معنى مخصوص. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٣/٨٨، مترجماً و ملخصاً).

[6]       قوله: [كزعفران] الزعفران: نبات صبغي يستعمل للصباغة. "المعجم الوسيط". ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396