عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

 

إن عذابك الجد بالكفار ملحق وصلى الله على النبي وآله وسلم والمؤتم يقرأ القنوت كالإمام وإذا شرع الإمام في الدعاء بعد ما تقدم قال أبو يوسف رحمه الله يتابعونه ويقرءونه معه وقال محمد لا يتابعونه ولكن يؤمنون والدعاء هو هذا اللهم اهدنا

وجمع بين الرجاء والخوف؛ لأنّ شأن القادر أن يرجى نواله ويخاف نكاله وفي الحديث: ½لا يجتمعان في قلب عبد مؤمن إلاّ أعطاه الله ما يرجوه وأمنه ممّا يخاف¼, فلإنعامك علينا بالإيمان وتوفيقك للعمل بالأركان ممتثلين لأمرك لا مقتصرين على القلب واللسان إذ هو طمع الكاذبين ذوي البهتان نعتقد ونقول (إنّ عذابك الجد) أي: الحقّ وهو بكسر الجيم اتفاقاً بمعنى الحقّ وهو ثابت في مراسيل أبي داود فلا يلتفت لمن قال إنّه لا يقول الجد (بالكفّار ملحق) أي: لاحق بهم بكسر الحاء أفصح, وقيل بفتحها يعني أنّ الله سبحانه وتعالى ملحقه بهم ولما روى النسائي بإسناد حسن أن في حديث القنوت (وصلّى الله على النّبي) صلّينا عليه صلّى الله عليه (و) على (آله وسلّم) كما اختار الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى أنّه يصلّي في القنوت على النّبي صلّى الله عليه وسلّم (والمؤتم يقرأ القنوت كالإمام) على الأصحّ ويخفي الإمام والقوم هو الصحيح لكن استحبّ للإمام الجهر به في بلاد العجم ليتعلّموه كما جهّر عمر رضي الله عنه بالثناء حين قدّم عليه وفد العراق, ولذا فصّل بعضهم إن لم يعلم القوم فالأفضل للإمام الجهر ليتعلّموا وإلاّ فالإخفاء أفضل (وإذا شرع الإمام في الدعاء) وهو أللّهم اهدنا... إلخ كما سنذكره (بعد ما تقدّم) من قوله أللّهم إنّا نستعينك... إلخ (قال أبو يوسف رحمه الله يتابعونه ويقرؤونه معه) أيضاً (وقال محمد لا يتابعونه) فيه ولا في القنوت الذي هو أللّهم إنّا نستعينك ونستغفرك (ولكن يؤمنون) على دعائه والدعاء قال طائفة من المشايخ أنّه لا توقيت فيه, والأولى أن يقرأ بعد المتقدّم قنوت الحسن بن علي رضي الله عنهما قال علّمني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلمات أقولهنّ في الوتر وفي لفظ في قنوت الوتر ورواه الحاكم وقال فيه ½إذا رفعت رأسي ولم يبق إلاّ السجود أللّهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولّني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنّك تقضي ولا يقضى عليك وإنّه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت¼, وحسّنه الترمذي, وزاد البيهقي بعد واليت ولا يعزّ من عاديت, وزاد النسائي بعد وتعاليت وصلّى الله على النّبي فهو كما ترى بصيغة الإفراد فيه, وفي المروى عنه صلّى الله عليه وسلّم حال دعائه في قنوت الفجر لما كان يفعله, قال الكمال ابن الهمام لكنّهم أي: المشايخ لفقوه من حديث في حقّ الإمام عام لا يخصّ القنوت فقالوه بنون الجمع أي: أللّهم اهدنا وعافنا وتولنا إلى أخره انتهى . قلت ومنهم صاحب الدرر والغرر و"البرهان" (والدعاء) الذي قالوه (هو هذا أللّهم اهدنا) ورواية الحسن اهدني كما نبّهنا عليها أصل الهداية الرسالة والبيان كقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾[الشورى: ٥٢] فأمّا قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396