عنوان الكتاب: نفحات رمضان

كانَ هُنَاكَ شَابٌّ هو وَحِيْدٌ لِوَالِدَيه سَلِيْطُ اللِّسَانِ بَذِيْءُ الكَلامِ وكانَ يُوَجِّهُ سِبَابَه، وشَتَائِمَه إلى وَالِدَيْه، بَلْ كانَ يُسيْءُ مُعَامَلَتَهما، ويَقْضِي مُعْظَمَ أَوْقَاتِه مع أَصْدِقَاءِ السُّوْءِ، وكانَتْ أُمُّه الْمِسْكِيْنَةُ مِنْ حُبِّها له دَائِمَةَ النُّصْحِ له، بأَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ رِفَاقِ السُّوْءِ، إلاّ أَنَّ هَذَا الشَّقِيَّ لَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ كلامَها، بَلْ يَرُدُّ علَيْهَا بالكَلامِ الْقَبِيْحِ والأَلْفَاظِ البَذِيْئَةِ، وكانَ يَقْسُو علَيْها والأُمُّ الْمِسْكِيْنَةُ تَدْعُو له وهي تَبْكِي وتَنْدُبُ حَظَّهَا، يقُوْلُ الشَّابُّ: لَقِيَني في يَوْمٍ مِن الأَيَّامِ أَحَدُ الإخْوَةِ من مركز الدَّعوة الإسلامية وقال لي دَاعِيًا: نَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تُسَافِرَ مَعَنَا في سبيلِ الله مَعَ قَافِلَةِ المدينة.

يقُوْلُ الشَّابُّ: فوَافَقْتُ عليه وسافَرْتُ معَهُمْ لِثَلاثَةِ أَيَّامٍ فكانَتْ هذه الأيّامُ مِنْ أَجْمَلِ أَيَّامِ حَيَاتي وأَيْقَظَتْني مِنْ غَفْلَتِي العَمِيْقَةِ التي كُنْتُ غارِقًا فِيْهَا وكانَتْ هي السَّبَبُ في تَوْبَتي وعَوْدَتِي إلى الله تعالى وغَيَّرَتْ حَيَاتِي وحَسَّنَتْ أَخْلاقِي ومُعَامَلَتِي لِلآخَرِيْنَ لا سِيَّما لِلْوَالِدَيْن وكُنْتُ قد تَمَسَّكْتُ بالصَّلاَةِ في الْمَسجدِ، بَلْ وأَخَذْتُ أُوْقِظُ النَّاسَ لِصَلاةِ الفَجْرِ ببَرَكَةِ صُحْبَةِ الإخْوَةِ الدُّعَاةِ في قافلةِ المدينة.

صلوا على الحبيب!  صلى الله تعالى على محمد

أخي الحبيب:

قَدْ رَأَيْنَا كَيْفَ أَنَّ الصُّحْبَةَ الصَّالِحَةَ أَثَّرَتْ على الشَّابِّ بصُوْرَةٍ كَبيْرَةٍ، لأَنَّ الصُّحْبَةَ عُمُومًا لَهَا أَثَرٌ وَاضِحٌ في حَيَاةِ الإنسَانِ، فهي التي


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

445