عنوان الكتاب: نفحات رمضان

ويَتَدَافَعُونَ على أَبْوَابِ حُكَّامِ الدُّنْيَا، ويَزْدَحِمُوْنَ عليها صَبَاحًا ومَسَاءً، وَهذه الْحُكَّامُ والسَّلاَطِينُ لا يَلْتَفِتُونَ إليهم بل ويَزْجُرُوْنَهم وعلى الرَّغَمِ مِنْ أَنَّ الناسَ لا يَأْكُلُونَ من أَمْوَالِ الْحُكَّام، بل يَأْكُلُوْنَ من أموالِهم، ثُمَّ بَعْدَ ذلك يَبْذُلُوْن جُهُوْدَهم، لإرْضَائِهم، من غَيْرِ فَائِدَةٍ، ويُقَاسُونَ ذِلَّةً، ومَشَقَّةً ويَقْضُوْنَ سَنَوَاتٍ في سَبِيْلِ تَحْقِيْقِ الأَهدَافِ، أَمَامَ الْحُكَّامِ، فلا يَقْطَعُوْنَ رَجَاءَهم، وأَمَلَهم منهم، ولا يَيْئَسُوْنَ منهم.

ولكن قلَّ من يَطْرُقُ بابَ الدُّعَاءِ خُشُوْعًا في القَلْبِ، وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تبارَكَ وتعالى، وإذا طَرَقَ بَابَ رَحْمَةِ الله تعالى، وسَأَلَه سبحانه وتعالى تَرَاه يَضْجَرُ من تَأَخُّرِ إجَابَةِ دُعَائِه وإن مَضَى أُسْبُوعٌ بَدَأَتِ الشَّكْوَى على لِسَانِه مع أنَّه يُغْلِقُ عن نَفْسِه بَابَ الإجَابَةِ بالاسْتِعْجَالِ يَقُوْلُ، رسولُ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم: «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي»[1].

وَالْبَعْضُ يَتْرُكُ الاعْتِقَادَ بالأَدْعِيَةِ بسبب تَأَخُّرِ الاسْتِجَابَةِ للدُّعَاءِ، بل قد لا يَعْتَقِدُ البعضُ بوَعْدِ اللهِ بإجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَالْعِيَاذُ بالله الكَرِيْمِ الْجَوَاد فيُقَالُ لِمِثْلِ هذا: يا قليلَ الأدَب، يا عَدِيْمَ الضمير: اُنْظُرْ إلى نَفْسِكَ: إذا طَلَبَ مِنْكَ صَدِيْقُكَ الْمُسَاعَدَة أَلْفَ مَرَّةٍ ورَفَضْتَ مُسَاعَدَتَه، ولَمْ تُؤَدِّ عَمَلَه، ثُمَّ بعدها إذا كنتَ بحَاجَةٍ لِمُسَاعَدَتِه، فإنَّك سَوْفَ


 



[1] أخرجه البخاري في "صحيحه"، كتاب الدعوات، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل، ٤/٢٠٠، (٦٣٤٠).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

445