عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

الإرادة بكلّ منهما في نفسه؛ إذ لا تضادّ بين الإرادتين٠[1]٠، بل بين المرادين، وحينئذ إمّا أن يحصل الأمران, فيجتمع الضدّان أو لا, فيلزم عجز أحدهما وهو أمارة الحدوث والإمكان٠[2]٠ لِمَا فيه من شائبة الاحتياج، فالتعدّد مستلزم لإمكان التمانع المستلزم للمحال، فيكون محالاً، هذا تفصيل ما يقال: إنّ أحدهما إن لم يقدر على مخالفة الآخر لزم عجزه، وإن قدر لزم عجز الآخر. وبما ذكرنا يندفع ما يقال٠[3]٠: إنّه يجوز أن يتّفقا من غير تمانع أو أن تكون الممانعة٠[4]٠ والمخالفة غير ممكنة لاستلزامها المحال، أو أن يمتنع اجتماع٠[5]٠ الإرادتين كإرادة الواحد حركة زيد وسكونه معاً. واعلم أنّ قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا[الأنبياء: ٢٢] حجّة إقناعيّة٠[6]٠،


 



[1] قوله: [لا تضادّ بين الإرادتين] أي: إرادة الحركة والسكون لتعدّد محلّهما, وهو المريدان. نعم متعلّقهما وهو زيد واحد، لكنّه ليس بمحلّ الإرادتين, بل المرادين حتى امتنع اجتماعهما فيه, بخلاف إرادتي الواحد للضدّين, فإنهما متضادّان لاتّحاد المحلّ. ١٢ "ر"

[2] قوله: [أمارة الحدوث والإمكان] أي: دليلهما؛ إذ يلزمه الاحتياج وهو نقص يستحيل عليه تعالى بالإجماع القطعيّ. ١٢ "خيالي".

[3] قوله: [يندفع ما يقال... إلخ] دفع هذا المنع بقوله: ½لأمكن بينهما تمانع¼؛ لأنّ جواز الاتّفاق لا ينافي إمكان التمانع, وإمكانه يكفي لإثبات المطلوب بلا حاجة إلى الوقوع. ١٢

[4] قوله: [أو أن تكون الممانعة... إلخ] دفعه بقوله: ½لأنّ كلاًّ منهما في نفسه أمر ممكن¼. ١٢

[5] قوله: [أو أن يمتنع اجتماع... إلخ] دفعه بقوله: ½لا تضادّ بين الإرادتين¼, فلا يكون اجتماعهما محالاً. ١٢

[6] قوله: [حجّة إقناعيّة] قال سيّدنا الشاه فضل الرسول القادريّ البدايونيّ قدّس الله سرّه في "المعتقد المنتقد", عن "كنـز الفوائد": استدلّ جميع المتكلّمين بقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾[الأنبياء: ٢٢], وأخذوا منها دليلين إشارة وعبارة، والأوّل: سمّوها برهان التمانع, واتّفقوا على أنّه قطعيّ, والثاني: خطابيّ عاديّ, واختلفوا فيه, فمنهم من جعله إقناعيّاً كالسعد ومن وافقه, ومنهم من قال: إنّه قطعيّ كابن الهمّام ومن سايره, انتهى. وقال العلاّمة عبد العزيز الفرهاريّ: يريد أنّ الدليل الذي يفيده لفظ هذه الآية ظنّيّ, أمّا البرهان الذي يستنبط بانتقال الذهن من ظاهرها إلى باطنها فقطعيّ, وإنما يسمّى الدليل الظنّيّ إقناعيّاً؛ لأنّه يقنع به من لا يحتمل كلفة البرهان. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388