عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله٠[1]٠ المتوحّد٠[2]٠ بجلال ذاته وكمال صفاته، المتقدّس٠[3]٠


 



[1] قوله: [الحمد لله] أردف التسمية بالتحميد في مُفتَتح الكلام اتّباعاً لكلام الله سبحانه وتعالى واقتداءً بما ورد في الأحاديث, فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ½كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه بـ½بسم الله¼ فهو أبتر¼، والحديث تلقّته العلماء بالقبول، وبمعناه أخرج الإمام أحمد بطريق الزهريّ عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً ولفظه ½كلّ كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عزّوجل فهو أبتر أو قال أقطع¼، وقال عليه الصلاة والسلام: ½كلّ كلام لا يبدأ فيه بـ½الحمد لله¼ فهو أجذم¼، رواه أبو داود والنَسائيّ, ولا تعارض بينهما في حقّ الابتداء؛ لأنّ الابتداء في حديث التسمية محمول على الحقيقيّ, وفي حديث التحميد على الإضافيّ، أو على العرفيّ، أو في كليهما على العرفيّ حيث أورد التسمية والتحميد كليهما قبل المقصود. ١٢

[2] قوله: [المتوحّد بجلال ذاته] قال العلاّمة الخيالي: الظاهر أنّ الباء صلة ½التوحّد¼ يقال: ½توحّد بذاته¼ أي: تفرّد به واستقلّ، فمعنى التوحّد بجلال الذات عدم شركة الغير في جلال الذات، أو الذات الجليلة على نهج حصول الصورة، (فإنّ المراد به الصورة الحاصلة), ويحتمل أن يكون للملابسة, فحينئذ صيغة ½التفعّل¼ إمّا للصيرورة, بدون صنع كما في قولهم: ½تحجّر الطين¼ أي: صار حجراً بلا عمل ومدخل من الغير, ومنه التكوّن والتولّد، وإمّا للتكلّف, ولَمَّا استحال في شانه تعالى يحمل على الكمال، كما قيل في المتكبّر ونحوه, فمعنى التوحّد بجلال الذات الاتّصاف بالوحدة الذاتيّة أو الكاملة مع ملابسة جلال الذات, انتهى كلامه. و½الجلال¼ العظمة وأيضاً الهيئة الموجبة للخوف والعظمة, و½الذات¼ النفس والشخص, وكثيراً ما يعبّر به عن حقيقة الشيء القائم بنفسه. ١٢

[3] قوله: [المتقدّس في نعوت الجبروت] من ½قدّس في الأرض¼ إذا ذهب فيها وأبعد, ويقال: ½قدّس¼ إذا طهّر؛ لأنّ مطهّر الشيء مبعده من الأقذار, والتقدّس التنـزّه عن كلّ سوء, و½النعوت¼ جمع نعت وهو الوصف وما يوصف به, و½الجبروت¼ من الجبر على زنة ½فعلوت¼ من أوزان المبالغة, و½الجبر¼ هو العظمة والرفعة, ويطلق على القهرم، يقال: ½جبر فلاناً على الأمر¼ إذا قهره عليه. والإضافة في نعوت الجبروت إضافة المسمّى إلى اسمه, الظاهر أنّ الشارح أشار بلفظ ½صفاته¼ إلى الصفات الثبوتيّة من العلم والحياة وغيرها، وبـ ½نعوت الجبروت¼ إلى الصفات السلبيّة يعني: أنه تعالى ليس بجوهر ولا عرض, على ما يأتي إن شاء الله تعالى.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388