عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

هذه المسألة، حتى قالوا: إنّ المجوس أسعد حالاً٠[1]٠ منهم، حيث لم يثبتوا إلاّ شريكاً واحداً، والمعتزلة يثبتون شركاء لا تحصى، واحتجّت المعتزلة: بأنّا نفرّق٠[2]٠ بالضرورة بين حركة الماشي وبين حركة المرتعش، أنّ الأولى باختياره دون الثانية، وبأنه لو كان الكلّ بخلق الله تعالى لبطلت قاعدة التكليف٠[3]٠ والمدح والذمّ والثواب والعقاب، وهو ظاهر. والجواب٠[4]٠: أنّ ذلك إنما يتوجّه على الجبريّة القائلين بنفي الكسب والاختيار أصلاً، وأمّا نحن فنثبته على ما نحقّقه إن شاء الله تعالى، وقد يتمسّك بأنه لو كان خالقاً لأفعال العباد لكان هو القائم٠[5]٠ والقاعد والآكل والشارب والزاني والسارق


 



[1] قوله: [أسعد حالاً] كان ينبغي أن يقال: أقلّ ضرراً وإن أمكن التأويل؛ لأنه قد ورد في بعض الكتب الفقهيّة أنّ من قال: ½النصرانيّة خير من اليهود¼, فقد كفر. ١٢ كذا في "البحر".

[2] قوله: [بأنّا نفرّق... إلخ] حاصل هذا الدليل: أنّ الحركة الصادرة من العبد على نوعين: اختياريّة كحركة الماشي, وغير اختياريّة كحركة المرتعش, فلو كان كلّ حركة بخلق الله تعالى لزم أن يكون الكلّ اختياريًّا أو غير اختياريّ واللازم باطل, فعلم أنّ الحركة الاختياريّة بخلق العبد والغير الاختياريّة بخلق الله تعالى. ١٢

[3] قوله: [لبطلت قاعدة التكليف... إلخ] حاصل هذا الكلام: أنه لو كان أفعال العباد بخلق الله تعالى لزم أن لا يكون العبد مكلّفاً بالأوامر والنواهي, وأن لا يكون مستحقّاً للمدح ببعض أفعاله, والذمّ بالبعض, والعقاب بالبعض الآخر؛ لأنّ الكلّ بخلق الله تعالى لا اختيار للعبد لكونه مجبوراً, واللوازم كلّها باطلة, أمّا الملازمة فلأنه يلزم تكليف العاجز ويلزم أن لا يكون العبد مستحقّاً لهذه الأشياء, أمّا بطلان اللازم فإنّ الله كلّف عباده بالأوامر والنواهي واستحقّ المدح والذمّ, وكذا الملزوم. ١٢ "ر"

[4] قوله: [والجواب] حاصله أنّ ذلك الإلزام إنّما يقوم حجّة على الجبريّة الذين يقولون: ½لا كسب ولا اختيار للعبد أصلاً وأنّ أفعاله بمنـزلة حركات الجمادات لا علينا¼, فإنّا نقول: بكسب العبد واختياره. ١٢

[5] قوله: [هو القائم... إلخ] الضمير للفصل ويفيد الحصر أي: يكون الفاعل لأفعال العبد هو الله تعالى

لا العبد؛ إذ الفعل والخلق عندهم بمعنىً واحدٍ, فإذا كان الفاعل هو الله تعالى لزم اتّصافه بما فعل؛ إذ لا معنى لفاعل القيام إلاّ من اتّصف بالقيام مثلاً, واللازم باطل. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388