عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

القوم الخاسرون، فإن قيل: الجزم بأنّ العاصي يكون في النار يأس من الله تعالى، وبأنّ المطيع يكون في الجنّة أمن من الله, فيلزم أن يكون المعتزليّ كافراً, مطيعاً كان أو عاصياً؛ لأنه إمّا آمن أو آئس٠[1]٠، ومن قواعد أهل السنّة والجماعة أن لا يكفر أحد٠[2]٠ من أهل القبلة٠[3]٠، قلنا: هذا ليس بيأس ولا أمن؛ لأنه على تقدير العصيان لا ييئس أن يوفّقه الله تعالى للتوبة والعمل الصالح، وعلى تقدير الطاعة لا يأمن من أن يخذله الله فيكتسب, وبهذا يظهر الجواب عمّا قيل: إنّ المعتزلي إذا ارتكب كبيرة لزم أن يصير كافراً ليأسه من رحمة الله تعالى ولاعتقاده أنه ليس بمؤمن، وذلك٠[4]٠ لأنّا لانسلّم أنّ اعتقاد استحقاقه النار يستلزم اليأس٠[5]٠, وأنّ اعتقاد عدم إيمانه المفسّر بمجموع التصديق والإقرار والأعمال, بناء على انتفاء الأعمال, يوجب الكفر٠[6]٠، هذا والجمع بين قولهم: لا يكفّر أحد من أهل القبلة، وقولهم:ّ


 



[1] قوله: [لأنه إمّا آمن أو آئس] لأنه إن كان مطيعاً اعتقد أنّ ثوابه واجب على الله تعالى وأنّ عذابه محال, وإن كان عاصياً اعتقد أنّ خلوده في النار واجب على الله تعالى وأنّ ثوابه محال. ١٢ "ن"

[2] قوله: [أن لا يكفر أحد... إلخ] قال العلاّمة الخيالي: معنى هذه القاعدة: أنه لا يكفر في المسائل الاجتهاديّة؛ إذ لا نزاع في تكفير من أنكر ضروريّات الدين, ثُمَّ إنّ هذه القاعدة للشيخ الأشعريّ وبعض متابعيه, وأمّا البعض الآخر فلم يوافقهم, وهم اللذين كفّروا المعتزلة والشيعة في بعض المسائل, فلا احتياج إلى الجمع لعدم اتّحاد القائل. ١٢

[3] قوله: [أهل القبلة] قد تقدّم تعريفه عن "شرح الفقه الأكبر" في بحث الكبائر. ١٢

[4] قوله: [وذلك] أي: ظهور الجواب. ١٢

[5] قوله: [يستلزم اليأس] لأنه لا ييئس أن يوفّقه الله تعالى للتوبة والعمل الصالح. ١٢

[6] قوله: [يوجب الكفر] أي: لا نسلّم أنّ هذا الاعتقاد يوجب الكفر, أمّا عندنا فظاهر؛ لأنّ الأعمال عندنا

خارجة عن الإيمان، وأمّا عندهم فلأنّ تارك العمل لا مؤمن ولا كافر. ١٢ "ن"




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388