عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

والآخرة، ولَمَّا كان له امتنان٠[1]٠ على العباد, واستحقاق شكر في الهداية وإفاضة أنواع الخيرات لكونها أداء للواجب، ولَمَّا كان امتنانه على النبيّ عليه السلام فوق امتنانه على أبي جهل لعنه الله تعالى؛ إذ فعل بكلّ منهما غاية مقدوره من الأصلح له، ولَمَّا كان لسؤال العصمة والتوفيق وكشف الضرّاء والبسط في الخصب والرخاء معنى؛ لأنّ ما لم يفعله في حقّ كلّ واحد فهو مفسدة له, يجب على الله تعالى تركها، ولَمَّا بقي في قدرة الله تعالى٠[2]٠ بالنسبة إلى مصالح العباد شيء؛ إذ قد أتى بالواجب، ولعمري إنّ مفاسد هذا الأصل، أعني: وجوب الأصلح، بل أكثر أصول المعتزلة أظهر من أن يخفى وأكثر من أن يحصى، وذلك لقصور نظرهم في المعارف الإلهيّة ورسوخ قياس الغائب على الشاهد في طباعهم، وغاية تشبّثهم٠[3]٠ في ذلك أنّ ترك الأصلح يكون بخلاً وسفهاً، وجوابه: أنّ منع٠[4]٠ ما يكون حقّ


 



[1] قوله: [لَمَّا كان له امتنان... إلخ] كما لا منّة لزيد علي عمرو إذا قضى دينه الواجب. ١٢

[2] قوله: [ولَمَّا بقي في قدرة الله تعالى... إلخ] أي: لا يقدر الحقّ سبحانه أن يفعل بأحد من العباد خيراً؛ إذ قد اتى بجميع ما كان واجباً عليه من مصالحهم؛ لأنّه لو كان شيء منها باقياً في قدرته ولم يفعله كان تركاً للواجب, فيلزم أن تكون مقدوراته متناهية وهو محال. "ن"

[3] قوله: [غاية تشبّثهم] أي: أقوى دليلهم, و½التشبّث¼ في اللغة هو التمسّك والإلتصاق بشيء بحيث لا يفارقه. ١٢

[4]قوله: [وجوابه أنّ منع... إلخ] يعني: لا نسلّم أنّ ترك الأصلح يكون بخلاً أو سفهاً؛ لأنّ كلّ ما يفعله الكريم الحكيم العليم بعواقب الأمور لا يكون خالياً عن المصلحة, وإن لم يكن أصلح بالنسبة إلى العبد, فلا يكون بخلاً وسفهاً, وأمّا الأصلح بالنسبة إلى العبد فغير واجب عليه؛ لأنّه محض حقّ الله تعالى, فيجوز أن يفعله وأن لا يفعله رعاية لمصلحة آخر. ١٢ كذا في "الخيالي" وحاشيته. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388