عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

بأنه لم يكن في زمنه نبيّ آخر٠[1]٠، فهو بالوحي لا غير، وكذا السنّة والإجماع، فإنكار نبوّته على ما نقل عن البعض يكون كفراً، وأمّا نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم: فلأنه ادّعى النبوّة وأظهر المعجزة، أمّا دعوى النبوّة فقد علم بالتواتر٠[2]٠، وأمّا إظهار المعجزة فلوجهين: أحدهما: أنه أظهر كلام الله تعالى وتحدّى به٠[3]٠ البلغاء, مع كمال بلاغتهم فعجزوا عن معارضته بأقصر سورة منه, مع تهالكهم٠[4]٠ على ذلك، حتى خاطروا بمهجهم٠[5]٠ وأعرضوا عن المعارضة بالحروف إلى المقارعة بالسيوف، ولم ينقل عن أحد منهم, مع توفّر الدواعي٠[6]٠ الإتيان بشيء مِمَّا يدانيه، فدلّ ذلك قطعاً على أنه من عند


 



[1] قوله: [لم يكن في زمنه نبيّ آخر] فيكون الأمر بلا واسطة فيكون وحياً, وفيه تأمّل؛ لأنه قد أمرت أمّ موسى عليه السلام بلا واسطة بقوله تعالى: ﴿ أَنِ ٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ ﴾[طه: ٣٩], وأمّ عيسى عليه السلام كذلك بقوله تعالى: ﴿ وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ ﴾[مريم: ٢٥]. والحقّ أنّ الأمر بلا واسطة إنَّما يستلزم النبوّة إذا كان لأجل التبليغ إلى الغير، وأمر آدم عليه السلام كذلك؛ لأنّ حوّاء مشاركة في ذلك الأمر والنهي مع أنّ الخطاب لآدم فقط. ١٢ "خيالي"

[2] قوله: [علم بالتواتر] بحيث صار ملحقاً بالعيان والمشاهدة, فلا مجال للإنكار فيها. ١٢

[3] قوله: [تحدّى به... إلخ] والتحدّي أنهّا متواتر بحيث لم يبق فيه شبهة, وآيات التحدّى كثيرة, كقوله تعالى: ﴿فَلۡيَأۡتُواْ بِحَدِيثٖ مِّثۡلِهِ﴾[الطور: ٣٤], وقوله تعالى:﴿ فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِ﴾[البقرة: ٢٣]. ١٢

[4] قوله: [مع تهالكهم... إلخ] أي:حرصهم على المعارضة, وأصل التهالك أن يزدحم الحيوانات على شيء حتى يهلك بعضهم بعضاً حرصاً على أخذه. ١٢ "ن"

[5] قوله: [حتى خاطروا بمهجهم] غاية للعجز, والمخاطرة الإيقاع في الخطر والهلاك والباء زائدة, و½المهج¼ جمع مهجة وهي الروح أو الدم مطلقاً, أو دم القلب أي: أوقعوا أرواحهم أو دمائهم في الخطر بالمحاربات. ١٢"ن"

[6] قوله: [مع توفّر الدواعي... إلخ] أي: كثرة الأسباب الداعية إلى النقل, وهذا جواب عن شبهة المعاندين

حيث قالوا: يحتمل أن يكون بعضهم عارض القرآن ولكن ستره أصحابه ولم ينقلوه, وتقرير الجواب: أنّ الأعداء يومئذ أكثر من الرمل والحصى من المشركين والمنافقين واليهود و والنصارى, فالعادة حاكمة بالضرورة بأنّ المعارضة لو وقعت لنقلوها, وستر الصحابة مِمَّا يزيد حرص المخالفين على النقل. ١٢ ملخّصاً. "ن"




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388