عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

حيث تحجم الأبطال٠[1]٠, ووثوقه بعصمة الله تعالى٠[2]٠ في جميع الأحوال, وثباته على حاله لدى الأهوال, بحيث لم تجد أعداؤه مع شدّة عداوتهم وحرصهم على الطعن فيه مطعنا, ولا إلى القدح فيه سبيلاً، فإنّ العقل يجزم بامتناع اجتماع هذه الأمور في غير الأنبياء، وأن يجمع الله تعالى هذه الكمالات في حقّ من يعلم أنه يفتري عليه ثُمَّ يمهله ثلاثا وعشرين سنةً، ثُمَّ يظهر دينه على سائر الأديان وينصره على أعدائه ويحيي آثاره بعد موته إلى يوم القيامة، وثانيهما: أنه ادّعى٠[3]٠ ذلك الأمر العظيم بين أظهر قوم لا كتاب لهم ولا حكمة معهم، وبيّن لهم الكتاب والحكمة, وعلّمهم الأحكام والشرائع, وأتَمّ مكارم الأخلاق وأكمل كثيراً من الناس في الفضائل العلميّة والعمليّة, ونوّر العالم بالإيمان والعلم الصالح، وأظهر الله دينه على الدين كلّه كما وعده، ولا معنى للنبوّة والرسالة سوى ذلك، وإذا ثبتت نبوّته وقد


 



[1] قوله: [تحجم الأبطال] الإحجام التأخّر والفرار والجبن, والأبطال جمع بطل, الشجاع الباسل. ١٢

[2] قوله: [بعصمة الله تعالى... إلخ] قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم يُحرس حتى نزلت: ﴿ وَٱللَّهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ ﴾[المائدة: ٦٧], فأخرج رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم رأسه من القبّة, فقال لهم: ½يا أيّها الناس انصرفوا, فقد عصمني ربّي عزّوجلّ¼, رواه القاضي عياض في "الشفا". ١٢

[3] قوله: [ثانيهما أنه ادّعى... إلخ] يعني: سيرته المطهّرة وأحواله عليه السلام قبل النبوّة وبعدها, وخلقه العظيم وبيانه للمعارف الإلهيّة والدقائق الحكميّة التي يعجز عنها أفاضل الحكماًء, مع أنه نشأ بين قوم غلبت فيهم الجهالة, ولم يمارس الخطّ والتعلّم  والتأدّب إلى غير ذلك من شمائله الكريمة التي تبهر الألباب, هي أقوى دليل على نبوّته صلّى الله تعالى عليه وسلّم, قاله المحقّق الدواني في "شرح العضديّة". ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388