عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

الكذب٠[1]٠ خصوصاً فيما يتعلّق بأمر الشرائع وتبليغ الأحكام وإرشاد الأمّة، أمّا عمداً فبالإجماع، وأمّا سهواً فعند الأكثرين٠[2]٠، وفي عصمتهم عن سائـر الذنوب٠[3]٠ تفصيل وهو أنهّم معصومون عن الكفر٠[4]٠ قبل الوحي وبعده بالإجماع، وكذا عن تعمّد الكبائر عند الجمهور خلافاً للحشويّة٠[5]٠، وإنما


 



[1] قوله: [معصومون عن الكذب... إلخ] قال في "شرح المواقف": أجمع أهل الملل والشرائع كلّها على وجوب عصمتهم عن تعمّد الكذب بما دلّ المعجز القاطع على صدقهم فيه, كدعوى الرسالة وما يبلّغونه من الله إلى الخلائق؛ إذ لو جاز عليهم التقوّل والافتراء في ذلك عقلاً لأدّى إلى إبطال دلالة المعجزة وهو محال, وقد حقّق القاضي عياض في "الشفا" أنه لا يجوز عليهم الكذب قبل النبوّة ولا الاتّسام به في أمورهم وأحوال دنياهم؛ لأنّ ذلك كان يزري ويريب بهم وينفّر القلوب عن تصديقهم بعد.

[2] قوله: [فعند الأكثرين] أي: ذهب الجمهور إلى عصمتهم عن الكذب في التبليغ سهواً، ومنهم الأستاذ أبو إسحاق الأسفرائيني وكثير من الأيِمّة الأعلام لدلالة المعجزة على صدقهم في تبليغ الأحكام, فلو جاز الخلف في ذلك لكان نقضا لدلالة المعجزة وهو ممتنع, وجوّزه القاضي أبوبكر الباقلاني بناء على أنّ المعجزة إنما تدلّ على صدقه فيما قصد تبليغه, وأمّا ما كان من النسيان فلا دلالة له على الصدق فيه, فلا يلزم من الكذب هناك نقض لدلالتها, كذا في "شرح المواقف" وغيره. ١٢

[3] قوله: [سائر الذنوب] يعني: ما سوى الكذب في التبليغ والإرشاد. ١٢

[4] قوله: [معصومون عن الكفر] قال القاضي عياض في "الشفا": قد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنـزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا, ونشأتهم على التوحيد والإيمان, بل على إشراق أنوار المعارف ونفحات ألطاف السعادة, ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أنّ أحداً نبيّ واصطفي ممّن عرف بكفر وإشراك قبل ذلك. ١٢

[5] قوله: [للحشويّة] بفتح الحاء وسكون الشين وفتحها, قوم من المبتدعة, وفي وجه تسميتهم خلاف, وقيل: لأنهّم مجسّمة والجسم محشوّ, وقيل نسبوا إلى الحشاء وهو الجانب؛ لأنهّم كانوا يجلسون في مجلس الحسن البصريّ, فأنكر كلامهم, فقال: ردّوا هؤلاء إلى حشاء الحلقة, أي: جانبها, قاله في "النبراس", ويظهر من "المل والنحل" أنهّم مجسّمة. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388