عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

الأشاعرة والمعتزلة إلى أنّ كلّ مجتهد في المسائل الشرعيّة الفرعيّة التي لا قاطع فيها مصيب، وهذا الاختلاف مبنيّ على اختلافهم في أنّ لله تعالى في كلّ حادثة حكماً معيّناً أم حكمه في المسائل الاجتهاديّة ما أدّى إليه٠[1]٠ رأي المجتهد. وتحقيقُ هذا المقام أنَّ المسألة الاجتهاديّة إمّا أن لا يكون من الله تعالى فيها حكم معيّن قبل اجتهاد المجتهد أو يكون، وحينئذ إمّا أن لا يكون من الله تعالى عليه دليل أو يكون، وذلك الدليل إمّا قطعيّ أو ظنِيّ، فذهب إلى كلّ احتمال جماعة٠[2]٠، والمختار أنّ الحكم معيّن وعليه دليل ظنيّ إن وجده المجتهد أصاب، وإن فقده أخطأ، والمجتهد غير مكلّف بإصابته لغموضه وخفائه, فلذلك كان المخطئ معذوراً بل مأجوراً، فلا خلاف على هذا المذهب في أنّ المخطئ ليس بآثم، وإنما الخلاف في أنه


 



[1] قوله: [ما أدّى إليه... إلخ] فعلى هذا قد يتعدّد الأحكام الحقّة في حادثة واحدة, ويكون كلّ مجتهد مصيباً. ١٢ "شرح الفقه الأكبر".

[2] قوله: [إلى كلّ احتمال جماعة] قال الشارح في "التلويح": فحصل أربعة مذاهب: الأوّل: أن لا حكم في المسئلة قبل الاجتهاد، بل الحكم ما أدّى إليه رأي المجتهد وإليه ذهب عامّة المعتزلة, ثُمَّ اختلفوا فذهب بعضهم إلى استواء الحكمين في الحقيّة, وبعضهم إلى كون أحدهما أحقّ, وقد ينسب ذلك إلى الأشعريّ بمعنى: أنه لم يتعلّق الحكم بالمسئلة قبل الاجتهاد, وإلاّ فالحكم قديم عنده, الثاني: أنّ الحكم معيّن ولا دليل عليه, بل العثور عليه بمنـزلة العثور على دفين, فلمن أصاب أجران, ولمن أخطأ أجر الكدّ, وإليه فذهب طائفة من الفقهاء والمتكلّمين, الثالث: أنّ الحكم معيّن و عليه دليل قطعيّ, والمجتهد مأمور بطلبه وإليه ذهب طائفة من المتكلّمين, الرابع: أنّ الحكم معيّن وعليه دليل ظنيّ, إن وجده أصاب وإن فقده أخطأ, والمجتهد غير مكلّف بإصابتها لغموضها وخَفائها, فلذا كان المخطىء معذوراً بل مأجوراً. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388