عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

قالوا٠[1]٠: الضروريّات منها حسيّات، والحسُّ قد يغلط كثيراً٠[2]٠، كالأحول يرى الواحد اثنين، والصفراويّ قد يجد الحلوّ مرًّا٠[3]٠، ومنها بديهيّات، وقد تقع فيها اختلافات٠[4]٠، وتعرض بها شبه يفتقر في حلّها إلى أنظار دقيقة، والنظريّات فرع الضروريّات٠[5]٠، ففسادها فسادها، ولهذا كثر فيها اختلاف العقلاء. قلنا٠[6]٠: غَلَطُ الحِسِّ في البعض لأسباب جزئيّة لا ينافي الجزم بالبعض


 



[1] قوله: [قالوا] أي: السوفسطائيّة. ١٢

[2] قوله: [يغلط كثيراً] فلا حكم له في الكلّيّات ولا في الجزئيّات, أمّا الكلّيّات فلعدم تعلّق الحسّ بجميع أفرادها؛ لأنّ الحسّ لا يدرك مثلاً إلاّ هذه النار أو تلك النار, لا جميع النيران الموجودة في الخارج, وأمّا في الجزئيّات فلأنّ الحسّ ربما تدركها محسوسة, وليست بمحسوسة حقيقة, كما أنّا نرى الثلج في غاية البياض مع أنه ليس بأبيض أصلاً, فإنّا إذا تأمّلناه علمنا أنه مركّب من أجزاء شفافة لا لون لها. ١٢

[3] قوله: [يجد الحلوّ مرًّا] الذي يتبادر مِمَّا في "شرح المواقف" أنه دليل للعنديّة نصّه بعد ذكر الدليل, فدلّ على أنّ المعاني تابعة للإدراكات. ١٢

[4] قوله: [تقع فيها اختلافات] أي: البديهيّات لو كانت ثابتة لَمَا وقعت فيها اختلافات، لكنّها وقعت فالبديهيّات ليست بثابتة. ١٢

[5] قوله: [فرع الضروريّات] لأنّ النظريّ لا بدّ أن تنتهي سلسلة اكتسابه إلى الضروريّ, وإلاّ يلزم الدور أو التسلسل. ١٢

[6] قوله: [قلنا] إثبات للمقدّمة الممنوعة بقولنا: ½غلط الحسّ... آه¼. فإنّ اللاأدريّة لَمَّا تمسّكوا بأنّ الحسّ قد يغلط في بعض الموادّ, ومتى كان كذلك يجوز أن يغلط في جميعها فلا يكون مفيداً للعلم, ومنع الشارح العلاّمة كبرى القياس, بأنّا لا نسلّم أنه إذا كان غالطاً في بعض الموادّ يلزم جواز غلطه في جميعها, فإنّ الغلط في البعض إنّما هو لأسباب جزئيّة, وهو لا ينافي الجزم في بعض آخر بسبب انتفاء جميع الأسباب الموجبة له، ملتقط من "حاشية عبد الحكيم". ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388