عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

الاصلية، ثمّ اطلق على معنى النفس والحقيقة ولذلك قالوا: في النسبة ذاتي باثباتها وجوزوا اطلاقه على الله تعالى مع امتناع اطلاق العلامة عليه تعالى لوجود التاء، وقد يطلق الذات ويراد به ما قام بذاته، وقد يطلق ويراد به المستقل بالمفهومية ويقابل الصفة، وقد يطلق ويراد به الرضى، وقد يطلق ويراد به مفهوم الشيء، كذا في "كليات ابي البقاء". والتنوين في ½شرف¼ للتعظيم والتعميم اي: من شرف عظيم وكرم كثير من تناسب الاعضاء وجمال الخلق وكرم اليد وطِيْب العَرقِ وذكَاء اللُّب وصَفَاء الجنان وبلاغة الكلام وفصاحة اللسان وسائر كمالات الانسان، فانّه منبع الاحسان ومبدع الرحمن، وقوله: ½وانسب الى قدره¼ و½القدر¼ المقدار والمراد مقدار المرتبة و½عظم¼ على وزن كبر جمع عظمة بمعنى: الفخامة، فان قيل: ماالفرق بين الشرف والعظمة؟ قلنا: ان الشرف ينسب الى الذات، والعظمة تنسب الى الصفات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في مكتوبه الى هرقل: من محمد رسول الله الى هِرقْلَ عظيم ملك الروم[1] فـ½عظيم¼ في مكتوبه بالنسبة الى مرتبته لا ذاته، فالمراد بـ½ما شئت من عظم¼ علو قدره ومرتبته وجمال طوره وعظمته والمعجزات والارهاصات والمعراج والمناجات والامامة للانبياء والدنو الى جنابه الاعلى والتفضيل في القيامة باللواء والوسيلة والشفاعة العظيمة، وهذا البيت اجمال ما سياتي من الابيات المشتملة على امداحه عليه الصلاة والسلام.

 

٤٥     فَانَّ فَضْلَ رسُوْلِ اللهِ لَيْسَ لَهُ         حد فَيُعْرب عَنْهُ نَاطِقٌ بفَمِ

 

لَمَّا كان في مضمون البيت السابق شبهة بعض المشبهة من انّه لا يجوز اطلاق جميع الاوصاف الكاملة عليه بل انّما يقتصر على توصيفه بما ورد من الشرع في وصفه نفسه اثبته وعلله فقال: ½فانّ فضل رسول الله... الخ¼ فالفاء للتعليل فيمكن ان يرتب هاهنا قياس من الاقتراني بادنى تغيير بان يقال: يجوز ان تنسب الى ذات رسول الله ما شئت من شرف وتنسب الى قدره ما شئت من عظيم؛ لانّ رسول الله ليس لفضله حد فيعرب عنه ناطق بفم، وكل من شانه كذا فيجوز ان تنسب الى ذاته ما شئت من شرف وتنسب الى


 



[1]     "صحيح البخاري"، كتاب تفسير القرآن، باب قل يا أهل الكتاب تعالوا، الحديث: ٤٥٥٣، ٣/١٩٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310