عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

زوجته، فاضطرت واخبرت بالسر، فجاء جابر اليه عليه الصلاة والسلام باكيا، فاخبره بالقضية، فتفكر رسول الله، فنزل جبرائيل فقال: ان الله تعالى يامرك ان تدعو لهما، ويقول: منك الدعاء ومنا الاجابة، فدعا رسول الله لهما بالحياة فاحياهما الله تعالى، فقاما واكلا معه عليه السلام. ومثل هذا كثير وفيركما لايخفى على من هو بكتب الاحاديث خبير. ثم اعلم ان خاصية هذا البيت: انه لو قرئ على مُختضَر قد اشتدت سكرات موته في اخر وقته ان تم اجلُه يموت والا فيفيق ويخلص من الم ذلك الوقت وشدته كذا اخبر به الاستاذ طال بقاه.

 

٤٧      لَمْ يَمْتحنَّا بمَا تعْيَ الْعُقُوْلُ بهِ        حرصًا عَلَيْنَا فَلَمْ نَرتب وَلَمْ نَهِمِ

 

لَمَّا توهم مما سبق انه عليه الصلاة والسلام في غاية العظمة ونهاية المَهَابة فلا يبالي بامته الضعيفة كسلاطين الزمان لانهم اذا وصلوا الى المرتبة العليا لم يبالوا بالرعايا بل كلما فاقت مراتبهم يحملون رعاياه على الاعمال الشاقة والافعال التي لا وسع لهم عليها ولا طاقة دفعه فقال: ½لم يمتحنا بما تعي العقول به...الخ¼، ½لم يمتحنا¼ من الامتحان بمعنى: الاختبار والابتلاء، او من المِحنَة اي: لم يحملنا على المِحنَة، والباء في ½بما¼ متعلق بـ½يمتحن¼، و½ما¼ عبارة عن الشرع الشريف. و½تعي¼ مضارع من ½عيي¼ لا من ½اعي¼، والفرق بين العي والاعياء ان كل عجز حصل بعد حركة وسكون فهو اعياء، وكل عجز حصل في راي وعقل فهو عي، وهاهنا حكاية: وهي ان الكسائي تعلم النحو في كبر سنه، وكان سبب تعلّمه انه مشى يوما حتى اعي، فجلس عند قوم ليستريح، فقال: عيَّيْت بالتشديد بغير همزة، فقالوا له: لا تجالسنا، وانت تلحن قال الكسائي: فكيف اقول؟ قالوا: ان اردت من التعَب والمَشَقَّةِ، فقل اعييت، وان اردت من التحير في الامر والراي فقل: عَييت مخففًا فقام الكسائي من فوره، وسال عمن يعلم النحو، فارشدوه الى معاذ، فجاء وقرا عليه حتى نفد ما عنده، ثم خرج الى "البصرة" الى الخليل بن احمد كذا ذكره الحقي في "تعريفاته". و½العقول¼ جمع عقل، وهو في الاصل بمعنى: الحبس سمي به الادراك الانساني لحبسه عما يقبح ومنعه مما لا يحسن، وفي "الدرر" العقل: في الاصل بمعنى الدية سميت به لانها تعقل الدماء من ان تسفك، و منه العقل، والعقل والنفس


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310