عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

و½المنطق¼ و½المبتسم¼ اما مصدران،  فالاضافة بمعنى اللام، والمعدن للمنطق هو القلب؛ لانه يظهر منه الكلام الدال على المرام لايقال: الكلام في اللسان لا في القلب لانا نقول: حقيقة الكلام في القلب دون اللسان بل هو دليل عليه ترجمان له كما افاده قول الاخطل:

انَّ الْكَلامَ لَفِي الْفُؤَاد وَانَّمَا            جعِل اللِّسانُ على الفؤاد دليلا

  ومعدن الانبساط هو الفم لانه يظهر منه الاسنان والثغر، واما اسما مكان، فعلى هذا تكون الاضافة بيانية كما لايخفى.

وحاصل المعنى: انه عليه السلام كان في غاية البشاشة ونهاية اللطافة، ولم يكن غليظ القلب كما يشهد عليه شاهد صدق، وكان كلامه وثغره المصون كالدر المكنون، وكان فمه عليه السلام في حفظ الكلام كالصدف المقبول بين الانام، قال صاحب "الزبدة" فيها: قال المحلي: حكي ان بعضهم راى في المنام الصديق يرثي النبي بهذا البيت والبيت الذي قبله.

 

٥٨      لا طِيْب يَعْدلُ تربا ضَمَّ اعْظُمَهُ      طُوْبٰى لِمُنْتشِقٍ مِّنْهُ وَمُلْتثمِ

 

لَمَّا اشار الى بعض كمالاته الصورية والمعنوية في خلقه وخلقه وافضلية قدره في حال الحياة اراد ان يشير ايضا الى افضليته على جميع المخلوق في حال الممات فقال: ½لا طيب يعدل تربا ضم اعظمه... الخ¼ ½لا¼ لنفي الحكم عن الجنس، و½الطيب¼ اسم لِمَا يتطيب به، و½يعدل¼ اي: يساوي يقال: فلان عديل فلان، اي: مساويه، وجملة ½يعدل¼ خبر ½لا¼، واسمها ½الطيب¼، والمعنى: لا شيء طيبا يساوي ½تربا¼ بضم التاء وسكون الراء لغة في تراب او بمعنى التربة. و½ضم¼ بمعنى التصق ومس، والجملة صفة ½تربا¼، و½الاعظم¼ جمع عظام، والمراد جميع اعضائه عليه الصلاة والسلام، وانما خصها بالذكر؛ لكون قيام الاعضاء عليها، والضمير فيها راجع اليه عليه السلام، ومراد الناظم الفاهم اثبات الطيبة لبدنه عليه السلام بطريق الكناية اذ هو ابلغ من الحقيقة، فوصف تراب روضته عليه السلام بانه شريف لا طيب مثله وصف ذاته عليه السلام بطريق الكناية، فالتراب انما اخذ الطيب من مقارنته له عليه السلام؛ اذ كان عليه السلام متصفا برائحة الطيب كما روي عن انس انه قال: ما شممت مسكا ولا عنبرا اطيب من ريح


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310