عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٣٧   احلَّ امَّتهُ فِي حرز مِلَّتهِ          كَاللَّيْث حلَّ مَعَ الاشْبالِ فِي اجمِ

 

لمّا توهم ان يستفاد من الابيات السابقة ان الانتصار به عليه الصلاة والسلام خاص باصحابه دون سائر امته دفع ذلك الوهم بتعميمه فقال: ½احل امته¼ بمعنى انزل. و½امته¼ بالنصب مفعول ½احل¼ و½الامة¼ نوعان امة الاجابة: وهي كل من امن به عليه السلام، وامة الدعوة: وهي كل من بلغه دعوة النبي عليه السلام، والمراد بها هاهنا الاول. و½في حرز¼ متعلق بـ½احل¼. و½الحرز¼ بكسر الحاء بمعنى الحصن، ففيه تشبيه الدين بالحصن الحصين في حفظ من دخله من الاعداء. و½كالليث¼ حال من فاعل احل، و½الليث¼ اسم للاسد. و½حل¼ الثاني صفة الليث بناء على ان اللام فيه للعهد الذهني او حال، وهو ايضا بمعنى انزل. و½الاشبال¼ جمع شبل بكسر الشين، وهو ولد الاسد. و½في اجم¼ متعلق بحل الثاني، و½الاجم¼ بفتحتين بمعنى مكان يسكن فيه الاسد. شبه الناظم الفاهم نبينا عليه السلام بالاسد في القوة وكمال الشجاعة والهيبة وشدة البطش وحماية الاولاد، وشبه امته باولاده في كونه عليه السلام سبب حياتهم كالاسد، وشبه الملة بـ½الاجم¼ في ان كلا منهما سبب للحفظ ومنع ضرر الغير.

وحاصل معنى البيت: انزل رسول الله المتين امته في دينه الحصين كما انزل الليث اولاده معه في اجامه للتحصين فلا يستولي على امته شخص بظلم ولا ينزل عليهم بلية فان قلت: كثيرا ما ترى امته يغلب عليهم عدوهم وينزل عليهم بليات لا تعد ولا تحصى فكيف يصح هذا البيتين من الناظم الفاهم؟ قلت: مراد الناظم كونهم محفوظين من بليات الاخرة ومن مثل الخسف والمسخ وغيرهما من البليات التي نزلت على سائر الامم في الدنيا، وتقول: ان امته محفوظة من جميع ما ذكر ومن المغلوبية، ومن كان مغلوبا ونزل عليه بليات فليس من كامل امته اذ امته من اتبعه ولا يتبعه الا من اعرض عن الدنيا فانه عليه السلام ما دعا الا الى الله واليوم الاخر وما صرف الا عن الدنيا والحظوظ العاجلة، ومن اعرض عن الدنيا يكون سالما من البلايا ومن كونه مغلوبا للاعداء، واما من عدل عن سبيله واعرض عن متابعته واقبل على الدنيا ولحق بالذي قال الله تعالى في حقه: ﴿ فَامَّا مَن طَغَىٰ ٣٧ وَءَاثر ٱلۡحيَوٰةَ ٱلدنۡيَا ٣٨ فَانَّ ٱلۡجحيمَ هِيَ ٱلۡمَاۡوَىٰ﴾ [النازعات:٣٧،٣٨،٣٩] فقد خرج عن سبيله


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310