عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

٩٦      ردت بلاغَتهَا دعْوَى مُعَارضِهَا       رد الغَيُوْر يَد الْجانِيْ عَنِ الْحرمِ

 

لَمَّا بيّن كون الايات تدفع المعارضة بل تعيد اليها اعداءها اراد ان يبين ما تدفع به الخصوم من ارباب البلاغة والعلوم فقال: ½ردت بلاغتها... الخ¼، ½ردت¼ بمعنى منعت ودفعت، و½البلاغة¼ في اللغة: ما ينبئ عن الوصول والانتهاء، وفي الاصطلاح: البلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته، وفي المتكلم: ملكة يقتدر بها على تاليف كلام بليغ. وضمير ½بلاغتها¼ راجع الى الايات، فالمصدر مضاف الى فاعله. و½دعوى¼ بالنصب مفعول ردت، والمراد من الدعوى المقاومة باتيان مثله، فالمعارض بمعنى المتصدي لاتيان مثله، والضمير للايات، و½رد¼ بالنصب صفة مصدر محذوف اي: ردا مثل رد الغيور، والمراد تشبيه الرد بالرد، وهو مضاف الى فاعله، و½الغيور¼ صيغة مبالغة من الغيرة بمعنى شديد الغيرة وهو صفة موصوفه محذوف اي: رد الرجل الغيور، وعن ابي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: انّ الله يَغَار وانّ المؤمنَ يَغَار[1] وقد جاء ايضا في الخبر: انّ الله غيور يحب الغيور[2]، والغيرة: في الاصل كراهية مشاركة الغير في حق من الحقوق، وغيرة الله: منعه عبده من الاقدام على الفواحش، وغيرة المؤمن: هيجان وانزعاج في قلبه يحمله على منع التحريم من الفواحش ومقدماتها ممن هو ساكن في بيته، و½يد الجاني¼ بالنصب مفعول ½رد¼، والمراد من ½اليد¼ التصرف بذكر السبب وارادة المسبب لان اليد سبب للتصرف، وتصرف الجاني عام للفواحش كالزنا واللواطة ومقدماتهما كالتقبيل واللمس والنظر، والمراد من الجاني من ياتي الجناية لمحرم الغير، و½عن الحرم¼ متعلق بـ½رد¼، و½الحرم¼ بفتحتين بمعنى محرم الرجل، وقرئ بضم الحاء وفتح الراء على انه جمع حرمة، وهي ما يكون في حريم الرجل.

وحاصل المعنى: ان الايات ردت بلاغتها وفصاحتها دعوى معارضها ومقابلها مثل رد من وصف بكمال الغيرة ونهاية الحمية مديد الجاني وتصرف الخائن الباغي عن حول حريم حرمه وعن الوصول الى حصول حرمه، ثم اعلم! انه حكي ان ابن المقنع وكان


 



[1]     "صحيح مسلم"، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش، الحديث: ٢٧٦١، صـ ١٤٧٦.

[2]     "كنز العمال"، كتاب الفضائل، باب فضل عمر بن الخطاب، الحديث: ٣٢٧٤٣، ١١/٢٦٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310