عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

كُلِّ شَيۡءٖ قَديرٞ﴾ [البقرة: ٢٠]. و½اذ¼ للتعليل و½لم تدم¼ عطف على ½جاءت¼ يعني ان معجزات سائر الانبياء قد انقضت واندرست بموتهم بخلاف معجزة نبينا عليه السلام لانها باقية الى يوم القيامة لايقال: انا لا نسلم ان معجزات سائر الانبياء قد جاءت ولم تدم كيف وان الانجيل باق عند النصارى كما ان التوراة باقية عند اليهود لانا نقول: المراد من الدوام دوامه بلا تغيير لفظ وتحريف حرف وكلا الفريقين قد غيراهما وبسبب تحريفهم كانوا كافرين، ولو سلم فالمراد دوام حكمه اعني شريعته وكتب سائر الانبياء قد نسخت بكتابنا، وكان الشرع الباقي عند الملل القران لا غيره من الكتب المنزلة على سائر الانبياء.

 

٩٤     مُحكَّمَات فَمَا يُبقِيْنَ مِنْ شُبهٍ         لِذيْ شِقَاقٍ وَلا يَبغِيْنَ مِنْ حكَمِ

 

لَمَّا بيّن كون الايات دائمة الى يوم القيامة بل الى ما لا ينتهي شرع في بيان كونها باقية على حكمها الاصلي بلا تبديل ولا تغيير فقال: ½محكمات... الخ¼، وهي بالرفع خبر بعد خبر لايات او صفة بعد صفة لها، و½المحكمات¼ جمع محكم، وهو في اللغة: بمعنى المتقن القوي الذي لا يقبل الانهدام، وفي اصطلاح الاصوليين: ما ظهر المراد منه ولم يحتمل النسخ والتغيير، فعلى هذا يكون التشديد لضرورة الشعر. فان قلت: كيف يجوز حمل محكمات على الايات لانه يستفاد منه ان جميع الايات محكم مع ان الاصوليين صرحوا بان بعض القران محكم وبعضه مفسر وبعضه نص وبعضه ظاهر وبعضه خفي وبعضه مشكل وبعضه مجمل وبعضه متشابه؟ قلت: الحمل باعتبار معناه اللغوي لا الاصطلاحي على انه يجوز ان يكون في ضمير محكمات استخدام بان يرجع الى الايات، ويراد منها بعضها فتامل. ثمّ انّه روي عن علي رضي الله تعالى عنه انّه عليه السلام قال: انزل القران على عشرة اقسام بشيرا ونذيرا وناسخا ومنسوخا ومحكما ومتشابها وموعظة ومثلا وحلالا وحراما فمن استبشر بتبشيره وانذر بنذيره وعمل بناسخه وامن بمنسوخه واقتصر على محكمه ورد متشابهه الى عالمه واتعظ بعظته واعتبر بمثله واحل حلاله وحرم حرامه، فاولئك من المؤمنين حقا لهم الدرجات العلى مع النّبيّين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقا، وهو وارثي ووارث الانبياء قبلي، ولا يزال في كَنَفِه تعالى وحيثما تلا القران


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310